قال: ومن كان له على رجل طعام من سلف، أو تسليف، فلا يحل له أن يأخذ منه قبل محل الأجل شيئا من الطعام كله مخالفا لطعامه، لا يحل أن تأخذ شعيرا من قمح، ولا زيتا من سمن، ولا صنف من صنف غيره، فإذا حل الأجل، فلا بأس بذلك في السلف، أن يأخذ مكان القمح شعيرا، أو مكان السمن زيتا، وما شاء من الأطعمة كلها، ولا بأس أن يأخذ مكان ذلك ما شاء من العروض، والحيوان، والدنانير، والدراهم قبل الأجل وبعده، إذا تعجل قبض ذلك ولم يؤخره، فإن تأخر ذلك ساعة فما فوقها، حرم ذلك، لأنه الدين بالدين، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز شيء من هذا في التسليف، لا نقدا، ولا تأخيرا، لا قبل حلول الأجل، ولا بعد حلوله، لأنه بيع الطعام قبل استيفائه، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن عرض عليه قبل محل الأجل أن يقضيه أدنى من طعامه في جودته، أو كيله على أن يعجل له ذلك، فذلك لا يحل في السلف، ولا في التسليف، لأنه ضع وتعجل، وبيع الطعام بالطعام متفاضلا إلى أجل، وكل ذلك من أبواب الربا.
قال: وإن عرض عليه طعامه قبل محل الأجل، على أن يؤديه في جودته أو كيله، فلا بأس به في السلف، ولا يحل ذلك في التسليف، لا يستوي السلف والتسليف في الأدنى، ويفترقان في الأرفع، وفرق بين ذلك؛ أنه في السلف كان يخير أن يأخذ منه مثل طعامه في جودته، أو كيله، إذا عرضه عليه قبل محل أجله، فإنما الزيادة التي زاده في جودته، أو كيله، معروف منه لم يغير شيء يلزمه، فحل ذلك، وإنه في التسليف إذا عرض عليه قبضه قبل محل أجله، لا يخير الذي هو له على قبض ذلك، حتى يحل أجله إن شاء، فإنما الزيادة التي زاده الذي هو عليه في جودته أو كيله ليتعجل قبضه منه، ويضع عنه ضمانه إلى أجل، فذلك ابتياع الضمان، وبيع الطعام بالطعام متفاضلا، وكل ذلك باب من أبواب الربا، فافهم تفريق ذلك.
قال: وإن لقيه بغير البلد صح محل الأجل، فعرض عليه أن يقضيه مثل طعامه أو أدنى أو أرفع، فلا يحل له شيء من ذلك؛ لأنه في المثل والأدنى ضع وتعجل، وفي الأرفع ابتياع الضمان، وبيع الطعام بالطعام إلى أجل.
قال: وإن لقيه بغير البلد وقد دخل الأجل، فلا باس أن يأخذ المثل، ولا خير في أن يأخذ الأدنى ولا الأرفع، السلف والتسليف في ذلك سواء.
قال: وإذا لقيه بالبلد قبل محل الأجل، فلا يأخذ بعض طعامه وإن كان سلفا، وبيعه عرضا أو ثمنا؛ لأنه البيع والسلف، ولا بأس بذلك إذا حل الأجل، وكان مثل شرطه، فإن كان أدنى أو أرفع، فلا يحل ذلك؛ لأنه طعام وعرض بطعام، فذلك الفضل بين الطعامين، وهو باب من أبواب الربا قال: ولا يحل شيء من هذا في التسليف.
صفحة ١١٤