154

ريحانة الألبا وزهرة الحياة الدنيا

محقق

عبد الفتاح محمد الحلو

الناشر

مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٨٦ هـ - ١٩٦٧ م

محمد بن الرُّومِيّ
المعروف بمَامَاي ابن أخت الخَيَّاليّ، نزيل دِمَشق الشام
شاعر توقَّدت جَمَراتُ أفكاره، وتورَّدَتْ في رياض الشام وَجَناتُ أزْهارِه، وابتسَمتْ في ناديه ثُغورُ أنْوارِه، لكنها، خُدودٌ لم يتَرقْرَق عليها دَمْعُ القِطار، ومباسِم لم تَرْشِف الشمسُ منها رِيقَ الأمْطار، فللهِ دَرَّه من فصيحٍ لم يُعلَّل بمياه عُروقِ القَيْصُوم والشِّيح، ولم يُغْذَ بلِبَان العربيَّة، ولم يتَفَكَّه بثمار العلوم الجَنِيَّة؛ لأنه من بَنِي الأصْفر، وممَّن قاسَى الفقرَ الأسود وهو الموْتُ الأحْمر، إلا أن للبِقاع تأثيرًا في الطِّباع، فلما تغَذَّى طفلُ جِبِلِّتِه ماءَ الشام ونَسِيمَه، وبزَغ هِلالُه فيه بعدما أُمِيطَتْ عنه هالَةُ التَّمِيمَة، انْصَقَل طَبْعُه المُرْهَف، فانْبَرتْ شمائلُه أرَقَّ من الشَّمالوألْطف، لا سِيَّما وأبو الفَتْح ماشِطَةُ عرائسِ فكرِه، ومُلِمُّ شَعَثِ لُمَّةِ

1 / 158