الروضتين في أخبار الدولتين النورية و الصلاحية
محقق
إبراهيم الزيبق
الناشر
مؤسسة الرسالة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هـ/ ١٩٩٧ م
مكان النشر
بيروت
ليحضره إِلَى مجْلِس الحكم يحاكمني على الْملك الْفُلَانِيّ فَعَاد إِلَيْهِ وَلم يتجاسر يعرفهُ مَا قَالَ ذَلِك الرجل وَعَاد يَكْتُمهُ فَلم يقبل مِنْهُ غير الْحق فَذكر لَهُ قَوْله فَألْقى الجوكان من يَده وَخرج من الميدان وَسَار إِلَى القَاضِي وَهُوَ حِينَئِذٍ كَمَال الدّين بن الشهرزوري وَأرْسل إِلَى القَاضِي يَقُول لَهُ إِنَّنِي قد جِئْت محاكما فاسلك معي مثل مَا تسلكه مَعَ غَيْرِي فَلَمَّا حضر سَاوَى خَصمه وخاصمه وحاكمه فَلم يثبت عَلَيْهِ حق وَثَبت الْملك لنُور الدّين فَقَالَ نور الدّين حِينَئِذٍ للْقَاضِي وَلمن حضر هَل ثبَت لَهُ عِنْدِي حق قَالُوا لَا فَقَالَ اشْهَدُوا أنني قد وهبت لَهُ هَذَا الْملك الَّذِي قد حاكمني عَلَيْهِ وهُوَ لَهُ دوني وَقد كنت أعلم أَن لَا حق لَهُ عِنْدِي وَإِنَّمَا حضرت مَعَه لِئَلَّا يظنّ بِي أَنِّي ظلمته فَحَيْثُ ظهر أَن الْحق لي وهبته لَهُ
قَالَ ابْن الْأَثِير وَهَذَا غَايَة الْعدْل والإنصاف بل غَايَة الْإِحْسَان وَهِي دَرَجَة وَرَاء الْعدْل فرحم الله هَذِه النَّفس الزكية الطاهرة المنقادة إِلَى الْحق الواقفة مَعَه
قلت وَهَذَا مستكثر من ملك مُتَأَخّر بعد فَسَاد الْأَزْمِنَة وتفرق الْكَلِمَة وَإِلَّا فقد انْقَادَ إِلَى الْمُضِيّ إِلَى مجْلِس الحكم جمَاعَة من الْمُتَقَدِّمين مثل عمر وَعلي وَمُعَاوِيَة ﵃ ثمَّ حكى نَحْو ذَلِك عَن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور
وَقد نقلنا ذَلِك كُله فِي التَّارِيخ الْكَبِير وَفِيه عَن عبد الله بن
1 / 39