357

تأريخ البنكتي

الامبراطوريات
السلاجقة

وتوجه السلطان من هناك إلى بغداد ظنا منه أن الناصر لدين الله سيقدم له المدد؛ لدفع الأعداء، وأرسل رسولا يخبر بوصوله، ولما كان الخليفة مستاء من أبيه وحده، أرسل قوشتمور، وهومن عبيده مع عشرين ألف رجل؛ ليطردوا السلطان من نواحى تلك البلاد، وأرسل حمامة إلى أربيل ليمضى مظفر الدين كوكبرى مع عشرة آلاف فارس ويعتقلوا السلطان من وسطهم، فمضى قوشتمور قبل وصول جيش أربيل مغرورا بكثرة عدده، وقلة مدد السلطان، ولما اقترب السلطان من المدينة، أرسل رسالة إلى قوشتمور قائلا فيها: إننا نظن أن مبادرتنا لهذا المكان، وهو ملجأ السلطان الذى يستظل بظل الخليفة، لأن الأعداء أقوياء، ولا قدرة لأى جيش بهم، وإذا استظهرت بقبول إجابة الخليفة، فإن مهمتى هى دفع هؤلاء المعتدين، ولم يلتفت قوشتمور لهذا الكلام، ووصف المعركة وأصبحت الحرب ضرورية للسلطان، ولم يكن جيشه عشر جيش بغداد، فحشد الجيش، وكانت له جماعة فى الكمائن، وحمل مع خمسمائة فارس على قلبهم وجناحهم مرتين أو ثلاثا، وأدار وجهه للناحية الأخرى وأحجم؛ لأنه تصور الهزيمة، فمضوا فى عقبه.

ولما بلغوا موضع الكمين، خرج جيش السلطان من الكمائن، وقتلوا قوشتمور فى وسطهم، ومضى الجيش منهزما إلى بغداد، ومضى السلطان بطريق دقوق، وأشعل النار وسلب فى تلك النواحى ومضى إلى تكريت، فوصل الجواسيس قائلين أن مظفر الدين كوكبرى قادم بجيش، وحملوا على الطلائع حتى يغلبوا السلطان بحيلة، وحمل السلطان مع عدة فرسان مبارزين، وأسروه فجأة؛ فأصدر السلطان العفو، واعتذر مظفر الدين عما صدر من أعمال، وأبدى الأسف، وبناء على هذا الاعتذار أكرمه السلطان ورده معززا، ومضى السلطان من تلك النواحى إلى حدود آذربيجان، وفى هذا الوقت كان الأتابك أوزبك بن جهان بهلوان حاكما على تبريز، فهرب إلى قلعة النجة، وترك زوجته ملكة خاتون بنت السلطان طغرل السلجوقى فى تبريز.

وفى شهور سنة اثنتين وعشرين وستمائة، نزل السلطان فى ظاهر تبريز، واشتغل بالحصار، وتسلقت ملكة السور ذات يوم، وشاهدت السلطان فعشقته، وأراد أن يجعلها زوجة له، وادعت أن زوجها طلقها، ولما علم القاضى قوام الدين الحدادى أن هذا الكلام كذبا فلم يستمع، فقال عز الدين القزوينى والد القاضى محيى الدين: إذا كان يأذن لى فى أن أتبوأ منصب القضاء أقبل هذه المصاهرة، فجعلوه قاضيا، فزوج ملكة للسلطان، وسلمه المدينة، فدخلها السلطان، وأقام أهل تبريز مراسم التهنئة.

صفحة ٤١٧