171

الروضة الندية

الناشر

دار المعرفة

تصانيف

الفقه
لا تختص بمكان بل فعلها في غير المسجد أفضل من فعلها فيه فالصلاة عليه على قبره من جنس الصلاة عليه على نعشه فإنه المقصود بالصلاة في الموضعين ولا فرق بين كونه على النعش وعلى الأرض وبين كونه في بطنها، بخلاف سائر الصلوات فإنها لم تشرع في القبور ولا إليها لأنها ذريعة إلى اتخاذها مساجد، وقد لعن رسول الله ﷺ من فعل ذلك فأين ما لعن فاعله وحذر منه وأخبر أن أهله شرار الخلق كما قال: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذي يتخذون القبور مساجد" إلى ما فعله ﷺ مرارًا متكررة؟ وبالله التوفيق. فصل ويكون المشي بالجنازة سريعًا لحديث أبي بكرة عند أحمد والنسائي وأبي داود والحاكم قال: لقد رأيتنا مع رسول الله عليه وسلم وإنا لنكاد نرمل بالجنازة رملا١، وأخرج البخاري في تاريخه قال: أسرع النبي ﷺ حتى تقطعت نعالنا يوم مات سعد بن معاذ. وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: "أسرعوا بالجنازة فإن كانت صالحة قربتموها إلى الخير وإن كان غير ذلك فشر تضعونه عن رقابكم" وقد ذهب الجمهور إلى أن الإسراع مستحب، وقال ابن حزم: بوجوبه. وذهب بعض أهل العلم إلى أن المستحب التوسط لحديث أبي موسى قال: مرت برسول الله ﷺ جنازة تمخض مخض الزق فقال رسول الله ﷺ: "عليكم القصد" أخرجه أحمد وابن ماجة والبيهقي وفي إسناده ضعف وأخرج الترمذي وأبو داود من حديث ابن مسعود قال: سألنا رسول الله ﷺ عن المشي خلف الجنازة فقال: "ما دون الخبب فإن كان خيرا عجلتموه وإن كان شرا فلا يبعد إلا أهل النار" وفي إسناده مجهول، ولا يخفاك أن حديث أبي موسى لا يصلح للاحتجاج به على فرض عدم وجود ما يعارضه فكيف وقد عارضه ما هو في الصحيحين بلفظ الأمر. وأما حديث ابن مسعود فلا ينافي الإسراع لأن الخبب هو ضرب من العدو وما دونه إسراع. أقول: والحق هو القصد في المشي فالأحاديث المصرحة بمشروعية الإسراع ليس المراد بها الإفراط في المشي الخارج عن حد الاعتدال، والأحاديث التي فيها الإرشاد

١ الرمل بفتح الميم المشي مع هز المنكبين.

1 / 172