159

الروض الأنف في شرح السيرة النبوية

الناشر

دار إحياء التراث العربي

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٢ هـ

مكان النشر

بيروت

مناطق
المغرب
الامبراطوريات
المرابطون
لَهُ يَجُدّهُ، فَضَرَبَهُ بِمِنْجَلِهِ فَقَتَلَهُ، وَقَالَ: إنّمَا التّمْرُ لِمَنْ أَبّرَهُ، فَزَادَ ذَلِكَ تُبّعًا حَنَقًا عَلَيْهِمْ، فَاقْتَتَلُوا، فَتَزْعُمُ الْأَنْصَارُ أَنّهُمْ كَانُوا يُقَاتِلُونَهُ بِالنّهَارِ، وَيَقْرُونَهُ بِاللّيْلِ، فَيُعْجِبُهُ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَيَقُولُ: والله إن قومنا لكرام.
فَبَيْنَا تُبّعٌ عَلَى ذَلِكَ مِنْ قِتَالِهِمْ، إذْ جَاءَهُ حَبْرَانِ مِنْ أَحْبَارِ الْيَهُودِ، مِنْ بَنِي قريظة- وقريظة والنّضير وَالنّجّامُ وَعَمْرٌو- وَهُوَ هَدَلُ- بَنُو الْخَزْرَجِ بْنِ الصريح
ــ
حَيْثُ ذَكَرَ فِيهِ أَسَعْدَ. وَتُبّانُ أَسْعَدُ الّذِي تَقَدّمَ ذِكْرُهُ، وَقَدْ كَانَ تُبّعٌ الْأَوّلُ مُؤْمِنًا أَيْضًا بِالنّبِيّ- ﷺ وَهُوَ الرّائِشُ، وَقَدْ قَالَ شِعْرًا يُنْبِئُ فِيهِ بِمَبْعَثِ النّبِيّ- ﷺ يَقُولُ فِيهِ:
ويأتى بعدهم رجل عظيم ... نبئ لَا يُرَخّصُ فِي الْحَرَامِ
وَقَدْ قِيلَ أَنّهُ الْقَائِلُ:
مَنَعَ الْبَقَاءَ تَصَرّفُ الشّمْسِ ... وَطُلُوعُهَا مِنْ حيث لا تمسى
اليوم أعلم ما يجئ بِهِ ... وَمَضَى بِفَصْلِ قَضَائِهِ أَمْسِ
وَطُلُوعُهَا بَيْضَاءُ مُشْرِقَةٌ ... وَغُرُوبُهَا صَفْرَاءُ كَالْوَرْسِ
تَجْرِي عَلَى كَبِدِ السّمَاءِ، كَمَا ... يَجْرِي حِمَامُ الْمَوْتِ فِي النّفْسِ
وَقَدْ قِيلَ: إنّ هَذَا الشّعْرَ لِتُبّعِ الْآخَرُ [وَقِيلَ لِأُسْقُفِ نَجْرَانَ]، فَاَللهُ أَعْلَمُ، وَمِنْ هَذَا أَخَذَ أَبُو تَمَامٍ قَوْلَهُ:
أَلْقَى إلَى كَعْبَةِ الرّحْمَنِ أَرْحُلَهُ ... وَالشّمْسُ قَدْ نَفَضَتْ وَرْسًا عَلَى الأصل

1 / 165