وعلى آله وأصحابه السادة الأعلام.
وبعد: فهذا مختصر في الفقه على مذهب إمام الأئمة ومحيي السنة والصابر في المحنة الزاهد الرباني والصديق الثاني أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني
ــ
(وعلى آله) أي أتباعه على دينه، نص عليه، وعليه أكثر الأصحاب، وقيل أقاربه المؤمنون من بني هاشم والمطلب، وقيل أهله (وأصحابه) وهم الذين اجتمعوا به مؤمنين وماتوا على ذلك، وتبطل صحبته وسائر أعماله بردته إن مات عليها. (السادة) جمع سيد وتقدم الكلام عليه (الأعلام) جمع علم بفتحتين وهو في اللغة العلامة أو الجبل، وإطلاقه على الآدمي من المجاز
(وبعد) يؤتى بها للانتقال من أسلوب إلى آخر استحبابًا في الخطب والمكاتبات، لفعله ﵇ وأمره، (فهذا) إشارة إلى ما تصوره في ذهنه وأقامه مقام الموجود بالعيان من الألفاظ الدالة على المعاني (مختصر) أي موجز، وهو ما قل كلامه وكثرت معانيه، قال علي ﵁: خير الكلام ما قل ودل ولم يطل فيمل (في الفقه) وهو لغة الفهم، وعرفًا معرفة الأحكام الشرعية الفرعية بالاستدلال بالفعل أو بالقوة القريبة، وقيل الأحكام نفسها. والفقيه من عرف جملة غالبة منها كذلك (على مذهب) مفعل، وهو في الأصل مصدر يصلح لمكان الذهاب وزمانه وللذهاب نفسه، ثم نقل إلى ما قاله الإنسان بدليل ومات قائلا به (إمام الأئمة) أي قدوتهم، (ومحيي) أي ناصر (السنة، والصابر في المحنة، الزاهد الرباني والصديق الثاني أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل) ابن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيان -بالياء المثناة- بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب -بكسر الهاء وسكون النون ثم بالموحدة- ابن أفصى بالفاء والصاد المهملة ابن ذهل بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان (الشيباني) ﵁، نسب لجده شيبان المذكور، حملت به أمه بمرو، وولد ببغداد في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة ونشأ بها وأقام بها إلى أن توفي. ودخل مكة والمدينة والشام واليمن والكوفة والبصرة والجزيرة. قال الحافظ ابن عساكر: كان شيخًا شديد السمرة مخضوبًا بالحناء وقيل ربعة. سمع سفيان بن عيينة وإبراهيم ابن سعد ويحيى القطان وهشيمًا ووكيعًا وخلائق كثيرين، وروى عنه عبد الرزاق
1 / 18