بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين(1)
الحمد لله الذي هدانا لسلوك محجة الرشاد وللإعتراف بآل محمد أنهم خيرة الله من العباد، وأن أهل الحشو والجبر والإعتزال من الفريق الناكب عن الحق السالك طريق الظلال، والصلاة والسلام على من قال: ((أهل بيتي كسفينة نوح(2) وأمان لأهل الأرض)) محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، وعلى آله الطاهرين أما بعد:
صفحة ١
فإن الحشوية وأهل السنة كلاب لا زالت تنبح الأقمار في كل زمان ومكان، وتحقر على أولاد النبي المختار في كل أوان، وهم أذل وأحقر عن أن يفاوهوهم بحجة، أو يساجلوهم في محجة، بل يحاجون الله بالأباطيل، ولا يزال ظليل في إثر ضليل ينزعون في معاوية لعنه الله، ويكرعون من آجن بني أمية، وكان من أولئك الهمج، بعض من عن الحق خرج، وكبى بأقر النصب والشنآن، في ذلك الميدان، الذي فيه قتل صاحب الدار واجتمع لقتله الثقلان، مؤالف الجهد في السير الذي في مضمار الشيطان غير فاقة ما قيل أيام صفين وسمع قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أحب عمل قوم شرك في عملهم))أراد أن يدخل في سلك القاسطين فصرح بالنصيحة الذي لم يسبقه إليها سني ولا يتبعه فيها إلا ناصبي أو ضني، مع أن الزيدية كثر الله سوادهم يرون لعن ابن هند رقى كل علة، وروي كل غلة.
قال السيد الهادي بن إبراهيم:
وهم أنكروا لعن بن هند وسبه
وحرب علي منه كالشمس ظاهرا
معاوية في لعنة الله خالد
ولعنته أحلى من الشهد مطعما ... وهذا الذي تنهل منه الصلادم
وهل الطهور الشمس في الناس كاتم
وتعذيبه فيها من الله دائم
صفحة ٢
إذا اختلطت فيه لقوم مطاعم فنص أن لعنته أحلى من الشهد، وكيف وهو المنافق اللعين، والكافر المهين أيشك مسلم أنه ملعون؟ وقد لعنه خير البشر وسيد ولد آدم، ولعنه سيد الوصيين أفضل من مشى بعده على قدم، في أحاديث كثيرة وروايات شهيرة وهو الذي نزلت [فيه] قوله تعالى: {فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى} في الخبر الذي رواه الحاكم الحسكاني وصححه أئمة الآل لما نصب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عليا يوم الغدير ثم سرد الحديث إلى أن قال:(وكان معاوية لعنه الله متكئا على المغيرة فقال: لا تقر لعلي بالولاية ولا تصدق محمدا في مقالة، فأنزل الله {فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى...}الخبر.
وروى محمد بن سليمان والحاكم عن أبي سعيد قال: قال (صلى الله عليه وآله وسلم): ((إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه)) وفي لفظ: ((فاضربوا رأسه))، وروى عبد الرزاق ومحمد بن سليمان والحاكم في تنبيه الغافلين عن الحسن نحوه قال الحسن: فلم يفعلوا فأذلهم الله وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ((يموت معاوية على غير سنتي)).
وروى عبد الرزاق ومحمد بن سعيد بن أنه قال: سمعت ابن عباس يلعن معاوية يوم عرفة، وروى أبو عوانة ومحمد بن سليمان عن ثوبان قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ((معاوية في صندوق من نار)).
وروى الحاكم ومحمد بن سليمان عن ابن عمرو، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: ((يطلع في هذا الفج رجل يموت على غير ملتي)) فأشفقت أن يكون أبي فطلع معاوية لعنه الله.
صفحة ٣
وروى أبو عبد الله البصري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى معاوية في المسجد فلعنه الله، وروى الفقيه حسام الدين حميد الشهيد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى أبا سفيان راكبا ومعاوية وعتبة معه فلعن رسول الله الراكب والسائق والقائد، وروى الفقيه الشهيد عن الحسن أنه قال لمعاوية: لعنك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في سبعة مواطن، قد أورد الحاكم في المستدرك شطرا من ذلك وهو أيضا من بني أمية الذين لعنهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومن عجائب البخاري أنه قال: باب ما جاء في معاوية.
قال ابن حجر: وإنما ذكر معاوية مع الإجماع أنه ليس له فضل دمغا لرؤوس الروافض، فانظر ما هذا الدمغ.
وهم أوردوا له أنه أوتر بركعة ولم يرو النسائي من فضائله إلا حديث: ((لا أشبع الله له بطنا)).
فانظر إلى هؤلاء فلو أمكنهم أو يضعوا فضائل له ليدمغوا بها رأس الروافض لفعلوا، وقد فعلوا في فضل غيره، وهم يعنون بالرافض شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب الذين يتبرأون من معاوية لعنه الله لعنا وبيلا، فكيف بمن فضله على المشائخ؟ وكيف بمن قدمه عليهم؟ وكيف بمن فسقهم لعنهم الله على لسان سبعين نبيا؟ لقد جازوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بأقبح الفعال.
صفحة ٤
ولما أراد معاوية اللعين أن تروى آية {ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام، وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد}راود سمرة بن جندب أن يروي نزولها في أمير المؤمنين عليه السلام فأبى حتى بذل له عشرين ألفا أو أزيد منها فروى ذلك فهل هذا مسلم؟ وهل ينبغي لمتصف بالإسلام أن يتوقف فيه؟
وقال أمير المؤمنين علي عليه السلام: (إنه سيلي الأمر عليكم رجل من بعدي، رحب البلعوم، مندحق البطن يأكل ولا يشبع، ألا وإنه سيأمركم بسبي والبراءة مني، فأما السب فسبوني فذلك زكاة لي -أي تطهرة- وأما البراءة فلا تبرؤوا مني فإني ولدت على الفطرة وسبقت إلى الإيمان والهجرة).
وروى الهادي عليه السلام في الأحكام أن عليا عليه السلام كان يقنت بلعن معاوية وعمرو بن العاص وابن الأعور وبسر بن أرطأة بعد الصلاة وغيره يقول: في الصلاة، وهو مع الحق والحق معه.
صفحة ٥
وزعم ابن الوزير ومن نحا نحوه أن صلح الحسن كان لغير ضرورة فأجاب عليهم الإمام المهدي أحمد بن يحيى عليه السلام: بأن هذا جهل كبير وكيف يجوز للحسن هذا الفعل لغير ضرورة ملجئة وقد روى الإمام المرشد بالله عليه السلام أن معاوية لعنه الله لما صالح الحسن قال له: قم فتكلم وأخبر الناس أنك قد سلمت هذا الأمر إلي، فقام الحسن عليه السلام فصعد المنبر، ثم قال: (أيها الناس، إن أكيس الكيس التقى ، وإن أحمق الحمق الفجور، وإنما الخليفة من عمل بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وليس بالخليفة من عمل بالظلم والجور، ذلك ملك ملك ملك فيتمتع به قليلا ثم يتمتع لذته، وتبقى تبعته عليه، وإن أدري لعله فتنة ومتاع إلى حين.
قال عليه السلام: فعجبا لقايس الحال بالحال، الناسب إلى الحسن أشنع المقال وأنكر محال، هذا وإنه عليه السلام لم يصلح وفي الأرض من يشتغل به، أو حد ... لديه.
صفحة ٦
فأما ما يرويه بعض الغافلين عن سفيان بن الخليل أنه قال للحسن بن علي عليه السلام: أذللت رقابنا حين سلمت الأمر لمعاوية ومعك مائة ألف يموتون دونك؛ فهيهات لقد أخذ الجاهل بظاهرها ولو كان الحسن عليه السلام دون ألف لم يصلح أبدا ولكن بنى سفيان عن وهمه أن أهل الكوفة ناصحون له، توضيح ذلك إن الحسين عليه السلام قال لأخيه الحسن: أجاد أنت فيما أرى منه موادعة -أي مصالحة- معاوية لعنه الله؟ قال: نعم، قال الحسين: إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قال: والله لو لم نكن إلا في ألف رجل من المسلمين لكان ينبغي لنا أن نقاتل عن حقنا حتى ندركه أو نموت، فقال (عليه السلام): وكيف لنا بألف رجل مسلم.
فانظر كيف أنكر عليه السلام وجود الألف ودون، وكيف يدعي الجاهل ذلك؟ ولم يصبح حتى خذله أعوانه وانتهبوا رحله وطعنوا فخذه بخنجر؟
قال المسعودي: من أصحاب ش فلذلك انقاد للصلح.
قال عليه السلام: كيف والحسن كان مصرحا بلعن معاوية لعنه الله وسبه أيام صلحه غير متكتم في ذلك؟ ألم يكن من قوله لمعاوية في بعض مواقف بعد صلحه بزمان نشدتك الله أو تعلم أنك تسوق بأبيك أبي سفيان وتقود حولك هذا القاعد وهو راكب جمل أحمر بعدما عمي فلعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الراكب والسائق والقائد فهل ترد علي مما قلت شيئا ثم قال له في آخر الكلمة: فهذه مواطن لعنت فيها أنت وأبوك.
صفحة ٧
ومنها ولآل عمر الشام فخنته ولاك عثمان فتربصت به ، قاتلت عليا عليه السلام على أمر كان أولى به منك عند الله وعند المسلمين فلما بلغ الكتاب أجله صار إلى خير منقلب صرت إلى شر مثوى، وقد خففت عنك من عيوبك.
فانظر إلى كلام الحسن بن علي عليه السلام بعد صلحه بزمان إلى قوله عليه السلام: فليت شعري أجهلوا أمر الحسن. أم عقلوه أم صوبوه؟ أم ضللوه؟ أم كانوا على بيان أفضل الحالين أشد منه حرصا؟ - حاشا وكلا، بل عرفوا من عذره ما جهله القائلون، حتى ماتوا قتلا وأسرا ولو كان كما زعم الجاهل لكان لهم منه وجه في أن يصالحوا لغير ضرورة إلى آخر كلامه عليه السلام.
وأجمع من يعتد به أن معاوية أول من بغى في الإسلام، قاله سعد معترضا على العضد حيث قال: التبس الفاسق أيام معاوية فقال: أنصف الله من العضد.
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خصمه.
صفحة ٨
وقد أجمع من يعتد به أن معاوية أول من بغى في الإسلام هذا عندهم، وأما نحن فلا كلام في الأول وقد قال بنحو مقالة العضد واصل وعمرو شيخا الإعتزال في أيام الجهل، وقد نفر عليهما الإمام المهدي عليه السلام في الغايات غاية التنفير: إنما الشك في الصحة عنهما لأنها من رواية الذهبي أولا ففي مسلك النظام يدخلا، وقد سمعت عن بعض العوام ما لا أظن صحته أن المقالة تلك للإمام، ولم ينقم عليهما أكثر منه يا همام، لكن أبنا العصر يأخذون بالتقليد فهو بضاعتهم التي عليها يعولون، ولو سألته من أخبره؟ أو أين وجده؟ لتلجلج ولم يدر ما يقول ولا يعلم أن أدنى استخفاف بأي إمام خطأ كبير.
قال سيدي العلامة أحمد بن محمد الشرفي: بعد نقل ما روى عن واصل وعمرو ثم قال: رواه الإمام المهدي في الغايات والذهبي وكأنه لا يميز بين قال وروى.
وأما الشيخان فقد استحقا إن صح عنهما أن توجه إليهما سهام التقريع وليس العجب إلا ممن يرى التوقف في حق المشائخ والتفسيق، ثم يترحم على هؤلاء فيقول: قال فلان رحمه الله فالحكم واحد على شيخ تيم من مشيخ زمخشر ما قلت في أحدها قلت في الآخر سواء.
صفحة ٩
ثم اعلم أنه لما زحزح الأمر من مقامه الذي أقامه الله ورسوله فيه وهو العنصر النبوي بأن قام بالإمامة غير أهلها وزحزح علي عن مقامه ووقع ما وقع من الاغتصاب والانتهاب، فمتع شيخ تيم قليلا ثم أدلى بها إلى الآخر لأنه ناله شطر الحلب، ثم قام ثالث والقوم نافي خصبه بين قيلة وحوله يبوآنه يخضمون مال الله كخضم الإبل المرعى، ثم قام هذا المهين اللعين بعدهم فلو لم تعم الأول ما قام الثاني ولا الثالث
فضلا عن وصول الإمامة إلى الطليق وأبناء الطلقاء الذين أسلموا فرقا من السيف.
ثم لا شك أن معاوية لعنه الله لم يسلم وإنما استسلم ولنا أدلة على عدم إسلامه كثيرة منها ما تقدم من نزول الآية وقوله تعالى:{والشجرة الملعونة في القرآن}روى الحاكم أنها نزلت فيهم حين نزل رسول الله بني أمية ينزون على منبره نزو القردة.
ومنها ما كان أمير المؤمنين يقوله فيه وغيره: والله ما أسلموا ولكن استسلموا، فلما وجدوا على الكفر فرصة أظهروه وكتب إليه بعض الصحابة كتابا يقول فيه أما بعد: فإنما أنت .... دخلت في الإسلام كرها وخرجت منه طوعا.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام في بعض كتبه إليه: وما أنت والفاضل والمفضول وما للطلقاء وأبناء الطلقاء.
ومنها أن قوله تعالى: {الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم}.
روى الحسكاني عن بعض أئمة الآل وأظنه الحسن بن الحسن أنها نزلت آية منها في أهل البيت وآية في بني أمية، وفيها تصريح بكفرهم.
صفحة ١٠
ومنها أنه استلحق زياد بأبيه مخالفا لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((الولد للفراش وللعاهر الحجر))فقال فيه الشاعر:
ألا أبلغ معاوية بن صخر
أتغضب أن يقال أبوك عف
فأشهد أن لك من زياد ... مغلغلة من الرجل اليماني
وترضى أن يقال أبوك زاني
لأن الفيل من ولد الأتان
ومنها أنه يستشفي بالأصنام، وروي أنه وجد في عنقه صليب يوم مات.
ومنها أنه كان يدين بالجبر وهو القائل: أعطي من أعطى الله وأمنع من منع الله فقال: كذبت بل تعطي من أحرمه الله وتمنع من أعطاه أو كما قال.
ومنها أنه سعى في سم الحسن عليه السلام على يدي زوجة الحسن جعدة بنت الأشعث، وضمن لها مالا عظيما، وأن يزوجها بيزيد الكافر العنيد، فلما فعلت غرضه وفى لها بالمال، وطلبت منه التزويج فقال: كنت تحت الحسن بن الزهراء فما ألفت عليه، فخاف على يزيد منها وقال اليهودي: إني أجد في التوراة أن من ذرية نبي أنه لا يزال ملعونا.
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((ابني الحسين ألا ولعنة الله على قاتله وخاذله أبد الدهر ابني الحسين فقال: أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم))، وفي لفظ: ((أنا حرب لمن حاربتم سلم لمن سالمكم)).
وأخرج الإمام المرشد بالله في الأنوار عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((مكتوب على باب الجنة لا إله إلا الله محمد رسول الله علي ولي الله فاطمة أمة الله الحسن والحسين صفوة الله، على باغضهم لعنة الله)).
صفحة ١١
قال الذهبي: وعلى واضعه لعنة الله، قال بعض أئمتنا: وعلى الناصبة لعنة الله.
ومنها: أنه أخذ البيعة لولده يزيد وهو يعلم أنه ملعون الذي ما عليه مزيد القائل:
لست من خندف إن لم أنتقم ... من بني أحمد ما كان فعل
وولاه رقاب المسلمين، فإن كان فاسقا كما يقولون فالفاسق يتلافى عند موته نفسه ولا يفعل إلا ما يخلصه من النار، وهذا فعل عند الموت ما يوجب خلوده في النار أين العقول السليمة؟ وقال له: عليك ابن عمرو وابن الزبير والحسين بن علي وعمرو بن العاص وأوهمه أن ابن عمر لا يقوم وأن يرغم بالمال ابن الزبير، وأن يقاتل الحسين وأن يحتال على عمرو بن العاص بأن يأمره بنزول قبر معاوية يعفره ثم يشجر عليه الرماح فلا يطلع من القبر إلا وقد بايع، وذلك أن معاوية لعنه الله اتبع والده فإنه لما بويع عثمان وهو من بني أمية قال أبو سفيان: تلقفوها -يعني الخلافة- واحد بعد واحد فوالله ما من جنة ولا نار فلما كان هذا معتقده فعل بولده هكذا.
صفحة ١٢
وأما ما يدل على فسقه ووجوب لعنه عندنا فيحتاج إلى تطويل يكتفى به القليل قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وقاتلهم والمعين عليهم أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم)) أخرجه الإمام علي بن موسى الرضى عليه السلام وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): ((ويل لأعداء أهل بيتي المستأثرين عليهم لا أنالهم الله شفاعتي ولا رأوا جنة ربي)) وفي رواية عند المرشد بالله: ((وهم عترتي من لحمي ودمي إلى الله أشكو من ظالمهم من أمتي لا أنالهم الله شفاعتي))، وفي حديث: ((ولا تسبوهم فتضلوا ولا تخالفوهم فتكفروا))، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((من سمع واعيتنا أهل البيت فلم يجبها كبه الله على منخريه في نار جهنم))أخرجه الهادي والمؤيد بالله.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية))أخرجه الهادي.
قال القاسم بن إبراهيم (عليه السلام): هذا الخبر متواتر.
فأخبرنا يا صاحب النصيحة أمعاوية صدقت عليه الأخبار أم من قاتل أهل البيت وعاداهم ثم هذا الوعيد لمن يجب الدعوة فكيف من حاربهم، وقال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي:((ستقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين)) مع قوله تعالى: {وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا} وهذا خبر لا شك فيه وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وأهل بيتي أحب إليه من أهله وعترتي أحب إليه من عترته)).
صفحة ١٣
وقال صلى الله عليه وآله وسلم في علي عليه السلام:((لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق)) وهذا حديث مشهور وأحاديث حبه مشهورة قال سيدي الحسين بن أمير المؤمنين في الغاية: أحاديث حب أمير المؤمنين بلغت حد التواتر، وأخرج بن المغازلي عنه (صلى الله عليه وآله وسلم): ((إن لله عز وجل خلقا ليسوا من ولد آدم ولا من ولد إبليس يلعنون مبغض علي بن أبي طالب))قالوا: يا رسول الله من هم؟ قال: هم القنابر ينادون في الشجر ألا لعنة الله على مبغض علي بن أبي طالب، ورواه حمزة بن أبي القاسم في السمط وقال صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام: (كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك)، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني)) رواه ابن عمرو عن سليمان قال صلى الله عليه وآله وسلم: أنه قال: ((الحسن والحسين من أحبهما أحبه الله ومن أبغضهما أبغضه الله)) وفي حديث: ((من أحبهما أحببته ومن أحببته أحبه الله ومن أبغضهما أو بغى عليهما أبغضته ومن أبغضته أبغضه الله ومن بغضه الله أدخله الله نار جهنم خالدا فيها وله عذاب مهين)) أو كما قال، وعن حذيفة نحوه وقال صلى الله عليه وآله وسلم: ((ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم؛ رجل بايع إماما فإن أعطاه شيئا من الدنيا وفى له )) هذا حال اللعين لما علم أن أمير المؤمنين سيعزله ، زعم أنه يطلب بدم عثمان وروى الإمام زيد، عنه صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال:
صفحة ١٤
((إني لعنت الإمام يتجر في رعيته)) وفي آخر الحديث السفينة في رواية ابن المغازلي((ومن قاتلنا آخر الزمان فكأنما قاتل مع المسيح الدجال)).
وروى السيد أبو طالب عن علي مرفوعا: ((تحشر ابنتي فاطمة ومعها ثياب مصبوغة بالدم فتعلق بقائمة من قوائم العرش وتقول: يا عدل يا جبار احكم بيني وبين قاتل ولدي))قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((فيحكم لابنتي ورب الكعبة)).
وروى ابن المغازلي والحسكاني والمنصور بالله عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((من ناصب عليا بعدي في الخلافة فهو كافر ومن شك في علي فهو كافر)).
وروى المنصور بالله عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((علي خير البشر فمن أبى فقد كفر)).
ومن أحداثه في الإسلام أنه سب أمير المؤمنين وأمر بسبه في أيامه إلى أيام الناقص وقد صرح صلى الله عليه وآله وسلم في عدة أحاديث بلفظ: ((من سب عليا فقد سبني)) أخرج الإمام المرشد بالله ويواشج عن أبي جبيرة قال: بلغ ابن عباس أن أناسا ..... في أمير المؤمنين عليه السلام فقال لولده علي خذ بيدي فامض بي إليهم فأتهم فقال: أيكم الساب،لله ؟ فقالوا: من سب الله وقد كفر أو أشرك فقال: فأيكم الساب؟لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ قالوا: من سب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فيقول: ((من سب عليا فقد سبني [ومن]سبني فقد سب الله))الخبر.
فهل سوغ التوقف عن لعن من سب الله ورسوله وعليا؟.
صفحة ١٥
ومن أحداثه أنه قتل عمار بن ياسر المشهود له بالجنة وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((تقتلك يا عمار الفئة الباغية))الخبر عده السيوطي من المتواتر وهو في صحاحهم كمسلم عن أم سلمة والحاكم عن حذيفة وابن عبد البر عن خزيمة ، والطبراني عن ابن عمر.
قال أحمد بن حميد الشهيد: وكان خزيمة بن ثابت كافا لسلاحه حتى قتل عمار فقال: الآن حل إلى القتال، فقاتل، ولما قتل عمار قال ابن عمر: والخارج سيتعين ويبين إلى أنك يا معاوية على الباطل لأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ((تقتلك يا عمار الفئة الباغية)) فقال:لسنا قتلناه إنما قتله من جاء به قال له: فهل قتل حمزة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد أشار السيد صارم الدين إلى حال صاحب النصيحة في ذلك شعرا:
قال النواصب قد أخطا معاوية
والعفو في ذاك مرجو لصاحبه
قلنا كذبتم فلم قال النبي لنا ... في الإجتهاد وأخطا فيه صاحبه
وفي أعالي جنان الخلد راكبة
في النار قاتل عمار وسالبه
وقال أيضا:
والعن معاوية الطاغي وشيعته
أردوا أويسا وعمارا لشقوتهم
أبرا إلى الله من عمرو وصاحبه ... فهم ذووا الفسق والفحشاء والنكر
والسيدين وما أبقوا على حجر
صفحة ١٦
والأشعري ومروان ومن بسر وما أشار إليه السيد رحمه الله من قتل حجر بن عدي رضى الله عنه فهو من أحداث معاوية لعنه الله العظيمة إنه أمر بقتل حجر بن عدي لتمسكه بأذيال علي بن أبي طالب وأخذه بحجزته {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد}.
ولما دخل معاوية لعنه الله المدينة لقيه من لقي ولم يخرج للقاه جابر بن عبد الله الأنصاري فقال: لم لا تخرج فاعتل جابر لعدم الدابة، فقال معاوية لعنه الله متكلما به فأين النواضح يشير إلى أن الأنصار سناة فقال جابر: أتلفناه في طلبك وطلب أبيك يوم بدر وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم للأنصار: ((إنها ستصيبكم بعدي أثرة))قال معاوية: فماذا قال؟
قال جابر: قال ((اصبروا)).
قال معاوية: فاصبروا وهذا استخفاف بجابر وبالخبر من اللعين.
ولما سم الحسن عليه السلام وتوفي أصبح ذلك اليوم مستبشرا مسرورا فقال عبد الله بن عباس رضي الله عنه:
أصبح اليوم ابن هند شامتا
ولقد كان عليه روحه
واتقي الله وأظهر ثوبه ... ظاهره النخوة إن مات الحسن
مثل رضوى وثبير وحصن
إنما كان كشيء لم يكن
وقد علم كافة أهل الإسلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لو كان [موجودا] لأحزنه موت الحسن.
وقال لابن عباس يوما: أين مكان عمك أبي لهب؟ فقال ابن عباس: على يمينك إن دخلت متكئا على عمتك حمالة الحطب.
وكان هو وعمرو بن العاص يقولان: إن في أمير المؤمنين عليه السلام دعابة.
صفحة ١٧
وكان يقول في كتبه أن أمير المؤمنين بغى على المشائخ ففي جواب أمير المؤمنين عليه السلام: ((وزعمت أني لكل الخلفاء حسدت وعلى كلهم بغيت فصير المبغي علي باغيا والمحسود حاسدا))، واحتال يوم صفين بعد أن أخذ من أصحابه بالمخنق فدعا إلى كتاب الله، ونصبه على الرماح فكف أمير المؤمنين هذه خدعة والقوم ليسوا بأصحاب دين ولا أمانة، فلما اجتمع الحكمان على كراهة، أمير المؤمنين تشاورا إلى خلع أمير المؤمنين ومعاوية وتقليد عبد الله بن عمر ثم خلع أمير المؤمنين على رأس المنبر وحق عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله)).
ومعلوم لكل عاقل برواية كل ناقل أنهم عادوا عليا وأعلنوا بسبه على رؤوس المنابر ومن عاداه فقد عادى الله ورسوله، وكان يزعم أنه يطلب بثأر صاحب الدار المرمي على الأرض ثلاثة أيام لم يقبر ثم دفن في حصن كوكب، وحمل الناس على الدفن جنبه حتى أدخل في البقيع، وكان ينسب قتل عثمان إلى علي عليه السلام فالويل لعثمان إن كان علي قاتله لأن عليا لا يقتل مسلما.
وقال لأمير المؤمنين عليه السلام في بعض كتبه: إنك آويت قتله عثمان وآلى اللعين ليطلبن قتله في البر والبحر، فأجابه أمير المؤمنين ما معناه: وأما قتلة عثمان فلا بد تراهم يطلبونك في المهاجرين والأنصار.
صفحة ١٨
وإذا ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعنه، وعلي بن أبي طالب قنت بلعنه والحسن والحسين لعناه، وابن عباس لعنه يوم عرفة كما تقدم، ومحمد بن الحنفية قال لهم يوم صفين: اخسئوا ذرية النار وخشو النفاق ولعنته الصحابة وكذبوه، وكذلك أئمة أهل البيت إماما إماما إلى يومنا هذا.
وقال الحسن البصري: لما قال له رجل: يا أبا سعيد، معاوية كان أحلم أم أبو الحسن؟ قال: الحسن، فأعادها فقال: الحسن فقال الرجل: إنما أعني معاوية الذي كان أمير المؤمنين قال الحسن: وهل كان إلا حمارا ناهقا.
وبالجملة فقد أجمع على بغيه وفسقه العترة الطاهرة والشيعة والمعتزلة والفقهاء وبعض الأشعرية والإمامية والخوارج وغيرهم ولم يخالف إلا بعض الحشوية ومتأخروا الشافعية والمتسننة بصنعاء فمنهم من يتوقف عن لعنه، ومنهم من يرحم عليه وغرضهم إغاضة آل محمد وعداوة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وقد سمعوا عمرا بن العاص لعنه الله يقول:
وكم قد سمعنا من المصطفى
وفي يوم خم رقى منبرا
فمن كنت مولى لهم سيدا
وقال وليكم فاحفظوه
فإنا وما كان من أمرنا
وإن عليا غدا خصمنا
فإن قلت بينكما نسبة
فلا لك فيها ولا ذرة
نصرناك من جهلنا يا ابن هند ... وصايا مخصصة في علي
يقول بأمر العزيز العلي
علي له الآن نعم الولي
كحفظي فمدخله مدخلي
من النار في الدرك الأسفل
لك الويل من عنده ثم لي
فأين الحسام من المنجل
ولا لجدودك في الأول
على السيد البطل الأفضل وفيما هنالك كفاية والله ولي الهداية انتهى نقلا.
صفحة ١٩
قال في الأم: من خط مؤلفها جزاه الله خيرا بحق محمد وآله
صفحة ٢٠