الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
أنّه لابد من مسئول ومسئول عنه، فالمسئول مذكور في الآية، وهم أهل الذّكر، والمسئول عنه محذوف، والقول بأنّ المسئول عنه هو: أقوال المجتهدين، من هذه الأمة مجرّدة عن الأدلة هو [مما] (١) لا يدلّ عليه دليل، وهذا المسئول عنه المحذوف يحتمل أنّه الأدلّة، ويحتمل أنّه (٢) المذاهب من غير أدلّة، وقد قال بعض العلماء: هو السّؤال عمّا أنزل الله تعالى، لقوله تعالى: ﴿اتَّبِعُواْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُم مِنْ رَبِّكُم﴾ [الأعراف:٣] فلمّا أمر (٣) بسؤال أهل الذكر، كان المفهوم أنّه أمرنا بسؤالهم عمّا أمرنا باتّباعه مما أنزله علينا من الشّرائع.
وهذه [الأقوال] (٤) كلّها مخالفة للمفهوم على قواعد العربيّة، والمختار: أنّ المراد: السّؤال عن الرّسل هل كانوا بشرًا؟ لأنّ ذلك هو المذكور في أوّل الآية، والعرف العربيّ يقضي بأنّ ذلك هو المراد، والقرائن تسوق الفهم إليه.
فإنّه تعالى لما قال: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِم فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ﴾ [الأنبياء:٧]. كان السّابق إلى الأفهام؛ فاسألوهم عن كوننا ما أرسلنا إلا رجالًا، كما لو قال القائل: واجهت اليوم الخليفة، وسل وزراءه، كان المفهوم واسألهم عن كوني واجهته. وهذا الذي ذكرت أنّه المحذوف هو الذي اختاره الزّمخشري في «كشّافه» (٥)،
(١) في (أ): «ما»!. (٢) في (أ): «أنه من» وهو خطأ. (٣) في (ي) و(س): «أمرنا». (٤) في (أ): «الأفعال»! وهو خطأ. (٥) (٣/ ٤).
1 / 75