الروض الباسم في الذب عن سنة أبي القاسم - صلى الله عليه وسلم -
الناشر
دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع
﴿وَأُوتِيَت مِنْ كُلِّ شَيءٍ﴾ [النمل:٢٣]، وقد قال الله تعالى في أهل عصر النبي ﷺ: ﴿كُنتُم خَيْرَ أُمَّةٍ﴾ [آل عمران:١١٠].
مع صحة ارتداد جماعة منهم، كما ذكره أئمة الحديث في تأويل قوله ﵊: «فأقول سحقًا لمن بدّل بعدي» (١)، فلم يوجب ذلك تأويل الآية على الأمر (٢)، وسلب الصّحابة ﵃ هذه الفضيلة العظمى.
والوجه في ذلك أنّ التخصيص كثير في الشّريعة واللّغة، حتّى قال بعضهم: إنّ كلّ عموم في القرآن مخصوص إلا قوله تعالى: ﴿وَهُوَ بِكُلِّ شِيءٍ عَلِيمٍ﴾ [الأنعام:١٠١] وقوله: ﴿وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٍ﴾ [المائدة:١٢٠].
وحتّى قال بعض الأصوليين: إنّ ألفاظ العموم مشتركة بينه وبين الخصوص، بخلاف ورود الخبر بمعنى الأمر فإنّه ليس في هذه المرتبة (٣)، وما كان أكثر وقوعًا كان أرجح.
وأمّا قوله: إنّ ذلك قد جاء في بعض طرق [ابن] أبي حاتم (٤)، فمردود بضعفه وإعلاله لمخالفة جميع الرّواة الثّقات وغير الثّقات (٥).
(١) قطعة من حديث أخرجه البخاري (مع الفتح): (١١/ ٤٧٢)، ومسلم برقم (٢٢٩١) من حديث أبي سعيد الخدري ﵁. (٢) أي: في قوله تعالى: ﴿كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍِ﴾ (٣) أي: في الكثرة. (٤) في (أ) و(ي): «طرق أبي حاتم»، والتصويب من «التقييد والإيضاح»: (ص/١١٥). (٥) وانظر جواب المؤلّف في كتابه «تنقيح الأنظار»: (ق/٤٧أ).
1 / 44