قال أفلاطون: معرفة هذه الأشياء من أبواب — إلى أن قال: من العمل يتبين.
قال أحمد: غرضه أن يوقفنا على ما يعرف به العضو والجسد إذا نحن رأيناه. ويقول إنه من العمل يعرف لأنا إذا دبرنا بعض الأشياء فوجدنا للأثر خلاف ما يجب تحقق أنه غير ذلك العضو الذى يراد.
قال أفلاطون: والأعضاء خاصة، فاستدل بالاشمئزاز — إلى أن قال: فالأجساد أظهر.
قال أحمد: يقول: إذا رأيت عضوا من الأعضاء لا تحقق عضو أى حيوان هو، فإن عضو الإنسان تشمئز النفس منه، وتميز بذلك بين عضو الإنسان وسائر الأعضاء. فأما الأجساد فتعرف ماهيتها سهل، لأنه قد اشترك فى العلم بذلك العوام.
قال أفلاطون: وقد أخرجت فيما بقى ما يقنع — إلى أن قال: وقد كنت مستغنيا عن الإطناب، إلا أن النفس تجيش، فذو الفهم مكتف بالإشارة والغبى لا ينفعه الإطناب.
قال أحمد: إن الفيلسوف قد أخرج فى كتبه الباقية أسبابا يستدل بها على معرفة العقاقير والأعضاء. وقوله: إنى كنت مستغنيا عن الإطناب — يعنى به الإخبار عن كل عضو وجسد — يخبر أن النفس اضطرت إلى أن أخبر بما أخبر. ويقول إن ذا الفهم مكتف بالإشارة، والجاهل لا يزيده التنبيه إلا عمى؛ ويخبر أن النفس هى التى اضطرته إلى الإكثار. وصدق فى ذلك وقال الحق الذى لا يشوبه غيره. فلقد أرى من حرصى على البيان والهداية إلى ما يسهل العمل ويقرب مأخذه حتى كأنى زعيم الطالب والضامن له صحة الشىء حتى لوددت أنى شاهد كل طالب بعدى، فأعاونه على مراده. وليس شىء من لذات هذا العالم بأوقع عندى من مساعدة طالب أى نوع كان من العلوم ومعاونته على ما يلتمسه.
صفحة ١٤٧