***أنا كنا مذرين استيناف بين المقتضى للانزال وخص الأنذار لكونه أهم في أول الأحوال أو هو من باب الأكتفاء باضداد الأشياء على طريق سرابيل تقيكم الحر أي والبرد فالمعنى * للكفار والفجار بعذاب النار ومبشرين للمطيعين بالجنة دار القرار فيها يفرق أي يفصل ويبين كل أمر حكيم أي محكم أو ملتبس بالحكمه والظاهر أن الجملة صفة ليله مباركة وما بينهما حملة معترضه وهو يدل كما قال البيضاوي على أن الليلة ليلة القدر لأن ماذكر هو عين صفتها لقوله تنزيل الملائكة والروح فيها بأذن ربهم من كل أمر وفي المعالم قال إبن عباس يكتب في أم الكتاب يعني اللوح ليلة القدر ماهو كأين في السنة من الخير و* والأرزاق والآجال حتى الحجاج يقال لحج فلان ولحج فلان وقال الحسن ومجاهد وقتادة بيرم في ليلة القدر في شهر رمضان كل أجل وعمل وخلق ورزق وما يكون في تلك السنة وقال عكرمة هي ليلة النصف من شعبان يوم فيها أمر السنة وينسخ الاجبأ من الأموات فلا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد ثم أسند البغوي إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى أن الرجل * ويولد له وقد أخرج أسمه في الموتى قال السيوطي وأخرجه إبن زنجوية والديلمي عن أبي هريرة قول ولعل وجه الجمع بين القولين ماروى أبو العجمي عن إبن عباس رضي الله عنهما أن الله يقضي الأقضية في ليلة النصف من شعبان ويسلمها إلى أربابها في ليلة القدر وأخرج إبن أبي حاتم عن إبن عمر عند قوله تعالى فيها يفرق كل أمر حكيم قال أمر السنة إلى السنة الا الشقاوه والسعاده فأنه في كتاب الله لايبدل ولا يغير وسيأتي الكلام عليه أمرا أي أنزلنا أمرا حاصلا من عندنا وعلى مقتضى حكمنا وهو مزيد تفخيم الأمر وزيادة وتعظيم لشأنه بمزيد القدر أو التقدير أنزلناه آمرين فقوله انا كنا مرسلين رحمة من ربك استيناف بيان متضمن لتعليل وبرهان وقال البيضاوي هو بدل من أنا كنا منذرين أي أنا أنزلنا القرآن لأن من عادتنا أرسال المراسيل بالكتب إلى العباد لأجل الرحمة عليهم انتهى فتبين أن المفعول محذوف ورحمة منصوب على العلة ويجوز أن يكون رحمة مفعولا به أي يفصل فيها كل أمر من عندنا لأن من شأننا أن نرسل رحمتنا فأن فصل كل أمر من قسمة الأرزاق وغيرها وصدور الأمور الألهية من باب الرحمة وقال البغوي أنا كنا مرسلين محمدا صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الأنبياء رحمة من ربك قال إبن عباس أي رأفه في خلقي ونعمة عليهم * وقال الزجاج أنزلناه في ليلة مباركة للرحمة أنه هو السميع العليم أي يسمع أقوال العباد ويعلم اجمالهم في المعاش والعاد أو يسمع مناجاتهم ويعلم حاجاتهم هذا وفي الدر المنثور في التفسير المأثور للحافظ جلال السيوطي أخرج الخطب وإبن النجار عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ولم يكن يصوم شهر كامل الا شعبان فقلت يارسول الله ان شعبان لم أحب الشهور اليك ان تصومه فقال نعم ياعائشة أنه ليس نفس تموت في سنه الا كتب اجلها في شعبان فاحب على أن يكتب أجلي وأنا في عبادة ربي وعمل صالح فهذا الحديث دليل على أن الكتابة تستوعب في جميع أيام شعبان والأخبار والأثار الوارده ظاهرة في أنه مختص بليلة النصف ولعلها زمان كتابة الأكثر ثم صيام النهار مورث للبركة في الليلة وسيأتي لهذا مزية وأخرج إبن ماجه والبيهقي في شعب الأيمان عن علي كرم الله وجهه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلتها وصوموا يومها فأن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول الا مستغفر فاغفر له الا مسترزق فارزقه الا مبتلى فأعافيه الا سائل فأعطيه الا كذا حتى يطلع الفجر وأخرج إبن أبي شيبة والترمذي وإبن ماجه والبيهقي عن عائشة قالت فقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرجت اطلبه فإذا هو بالبقيع رافعا رأسه إلى السماء فقال ياعائشة اكنت تخافين ان * الله عليك ورسوله قلت وما بي من ذلك ولكني ظننت انك اتيت بعض نسائك فقال أن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعور غنم كلب وأخرج البيهقي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن ابيه أو عن عمه عن جده أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ينزل الله الى السماء الدنيل ليلة النصف من شعبان فيغفر لكل شيء ألا رجل مشرك أو من في قلبه شحناء أعلم أن نزول الرب سبحانه من المتشابهات ومذهب السلف التنزيه والتفويض في مثل هذه الكلمات ومذهب الخلف زيادة على ذلك تجويز التأويل بأن المراد نزول الرحمه كما يدل عليه قوله تعالى رحمة من ربك ويشير إليه نفس الحديث لأن العطياتالمذكورة كلها من أثر الرحمة المسطورة أو له سبحانه وتعالى تنزل معنوي أو تجل صوري فيليق بذاته وينبغي لصفاته فنرها عن صفات المحدثات وسمات المخلوقات فلا حلول ولا نزول ولا الحاد ولا اتحاد تعالى شأنه وتعاظم برهانه وقد يقال المراد بالنزول نزول ملائكته المقربين لانزال الرحمة أو لنداء أهل قرية كما يدل عليه ما أخرجه البيهقي عن عثمان إبن أبي العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان ليلة النصف من شعبان نادى مناد هل من مستغفر فأغفر له هل من سائل فأعطيه فلا يسأل أحد ألا أعطى ألا زانية بفرجها أو مشرك أو المراد بالنزول أطلاع خاص يعبر عنه بالقرب الألهي لعبيده ألا أرباب الملاهي وأصحاب المناهي كما أخرج البيهقي عن معاذ بن جبيل وإبن ماجه عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يطلع الله في ليلة النصف من شعبان بجميع خلقه الا لمشرك أو مشاحن وأخرج البيهقي عن أبي ثعلبة الحسني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان ليلة النصف من شعبان أطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملى للكافرين ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوهم وأخرج البيهقي عن عائشة قالت قام رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل يصلي فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض فلما رأيت ذلك قمت حتى حركت أبهامه فتحرك فرجعت فلما رفع رأسه من السجود وفرغ من صلاته قال ياعائشة أو ياحميراء اظننت أن النبي قد خاس بك أي عذر قلت لا والله يارسول الله ولكنني ظننت أنك قبضت لطول سجودك فقال اتدرين أي ليلة هذه قلت الله ورسوله أعلم قال هذه ليلة النصف من شعبان أن الله عز وجل يطلع على عبده في ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويؤخر أهل الحقد كما هم وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع عنه ثوبيه ثم لم يتسم أن قام فلبسهما فأخذتني غيرة شديدة ظننت انه يأتي بعض صولحباتي فخرجت اتبعه فأدركته بالبقيع بقيع الفرقد يستغفر للمؤمنين والمؤمنات والشهداء فقلت بأبي أنت وأمي أنت في حاجة ربك وأنا في حاجة الدنيا فأنه بوقت قد خلت حجرتي ولى نفس عال فلحقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هنا النفيس ياعائشة فقلت بابي أنت وأمي اتيتني فوضعت عنك * لم تستتم أن قمت فلبستهما فأخذتني غيرة شديدة ظننت أنك تأتي بعض صويحباتي حق رأيتك بالبقيع تصنع ماتصنع فقال ياعائشة أكنت تخافين أن نحيف الله عليك ورسوله بل أتاني جبريل عليه السلام فقال هذه الليلة ليلة النصف من شعبان ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم كلب لاينظر الله فيها إلى مشرك ولا إلى مشاحن ولا إلى قاطع رحم ولا إلى مسبل ولا إلى غاق لوالدته ولا إلى مدمن خمر قالت ثم وضع عنه ثوبيه فقال لي ياعائشة تأذنين لي في القيام هذه الليلة فقلت نعم بأبي وأمي فقام فسجد ليلا طويلا حتى ظننت أنه قبض فقمت التمسه ووضعت يدي على باطن قدميه فتحرك ففرحت وسمعته يقول في سجوده أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بك منك جل وجهك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك فلما أصبح ذكرتهن له فقال ياعائشة تعلمتهن فقلت نعم فقال تعلميهن وعلمهن فأن جبريل عليه السلام علمنيهن وأمرني أن ارددهن في السجود ففي الحديث لالة على استحباب زيارة القبور في ليلة النصف من شعبان والاستغفار للاقارب والأخوان والأقران وعموم أهل الأيمان وعلى اتيان الصلاة النافلة وأطالة السجود فيها وقراءة الدعاء المذكور وكذا المسطور في الحديث الأتي في حال السجود وعلى التوبة من الذنوب وعلى الصلح مع من يكون بينه وبينه سحنأ وتقدم مايدل على استحباب أحياء تلك الليلة وصيام نهارها وأخرج البيهقي عن عائشة قالت كانت ليلة النصف من شعبان ليلتي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي فلما كان في جوف الليل فقدته فاخذني ما يأخذ النساء من الغيرة فتلفعت بمرطي فطلبته في حجر نسائه فلم أجده فأنصرفت فإذا أنا به كالثوب الساقط وهو يقول في سجوده سجد لك خيالي وسوادي وأمن بك فؤادي فهذه يداي وما جنيت بهما على نفسي ياعظيم يرجى لكل عظيم يأعظيم أغفر الذنب العظيم سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره ثم رفع رأسه ثم عاد بساجدا فقال أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بفعول من عتابك وأعوذ بك منك أنت كما أثنت على نفسك أقول كما قال أخي داود أعفر وجهي في التراب لسيدي وحق له أن يسجد الوجه والأيدي ثم رفع رأسه فقال اللهم ارزقني قلبا تقيا من الشده نقيا لا جافيا ولا شقيا ثم أنصرف فدخل معي في الخيلة ولي نفس عال فقال ماهذا النفس ياحميراء فأخبرته فطفق يمسح بيديه على ركبتي ويقول وليس هاتين الركبتين مالقيتا في هذه الليلة ليلة النصف من شعبان ينزل الله فيها إلى السماء الدنيا فيغفر لعباده الا لمشرك أو مشاحن وأخرج البيهقي عن علي قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النصف من شعبان قام فصلى أربع عشرة ركعة ثم جلس بعد الفراغ فقرأ بأم القرآن أربع عشرة مره وقل هو الله أحد أربع عشره مرة وقل أعوذ برب الفلق أربع عشرة مره وقل أعوذ برب الناس أربع عشرة مره وآية الكرسي مرة ولقد جاكم رسول من أنفسكم الآية فلما فرغ من صلاته سألته عما رأيته من صنيعه قال من صنع مثل الذي رأيت كان له عشرين حجة مبروره وصيام عشرين سنه مقبولة فأن أصبح في ذلك اليوم صائما كان له كصيام ستين سنه ماهذه سنة مستقبلة قال البيهقي يشبه أن يكون هذا الحديث موضوعا وهو منكر وفي روايته مجهولون قلت جهالة بعض الرواة لا يقتضي كون الحديث موضوعا وكذا انكاره الألفاظ فينبغي أن يحكم عليه بأنه ضعيف ثم يعمل بالضعيف في فضائل الأعمال اتفاقا مع أن نفس الصلاة النافلة في تلك الليلة ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم بطرق صحيحية فلا يضر ضعف بيان الكمية والكيفية فأن الصلاة خير موضوع وأحسن مشروع عند كل مقبول ومطبوع وبهذا يتبين جواز ما يفعله الناس في بلاد ما وراء النهر وخراسان والروم والقدس والهند وغيرها من مائة ركعة كل ركعتين فيها سور الأخلاص عشر مرات على ما ذكره صاحب القوت والأمام الغزالي في الأحياء وغيرهما فأنه وأن لم يصح وروده عنه عليه السلام لكن لا مانع من فعله ولو على وجه الدوام نعم اعتقاد كونه سنة غير صحيح عند العلماء وكذا اداؤه جماعة مكروه عند بعض الفقهاء ثم لعمل النكته في اختيار عدد الأربعة عشر في الركعات والقرآات رعاية ما سبق من الليالي الماأخوذ منها * المسمى به صلى الله عليه وسلم في مقام * وطهور نور الاسنى ثم الأولى أن يصلي أيضا في تلك الليلة صلات التسبيح أيضا ثابتة بلا مرية وقال السيد معين الدين الصفوي في تفسيره عند قوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت عن إبن عباس وغيره * الا الشقاوة والسعاده والحياة والموت وعن كثير من السلف كعمر بن الخطاب وإبن مسعود وغيرهما أنهم يدعون بهذا الدعاء اللهم أن كنت كتبتنا اشقياء فامحه وأكتبنا سعداء وأن كنت كتبتنا سعداء فاثبتنا فأنك تمحو ما تشاء ويثبت وعندك أم الكتاب وهذا الدعاء قد نقل في الحديث قرأته في ليلة النصف من شعبان لكن الحديث ليس بقوي قلت يجوز العمل بالحديث الضعيف لاسيما وقد ثبت روايته عن أكابر الصحابه مطلقا فلا وجه لمنع المقيد أبدا ثم التحقيق أن المحو والأثبات إنما يتعلقان بالأمور المعلقة كما ذكره المحقق في قوله تعالى وما يعمر من معمر الآية وفي حديث البزيزيد في العمر والدعاء يدفع البلا * زيادة بيان في هذا المعنى ومما يستحب لمن يقرأ تلك الليلة سورة الدخان فأنه أخرج الترمذي في جامعه والبيهقي في شعب الأيمان عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ حم الدخان في ليلة اصبح يستغفر له سبعون ألف ملك وفي رواية الحسن غفر له ما تقدم من ذنبه ثم سورة الدخان مكيه وأما سورة القدر فمدنية خلافيه بسم الله الرحمن الرحيم أنا أني * قدرنا أنزلناه أي القرآن الجليل القدر ويعرف بما قدر المنزل عليه بل والمنزل إليهم أيضا وهو كفارة عن غير مذكور في التبيان لأنه لمظهور الشأن غني عن البيان في ليلة القدر أي أنزله واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا فوضعه في بيت العزه ثم كان ينزل به جبريل عليه السلام نجوما في عشرين سنه وإنما سميت ليلة القدر لأنها ليلة تقدير الأمور فالأحكام يقدر الله فيها أمر السنة في عبادة وبلاده إلى السنة المقبلة لقوله تعالى فيها يفرق كل أمر حكيم وهو مصدر قولهم قدر الله بالشيء قدره أو قدر كالنهر والنهر والشعر والشعر وقدره بالتشديد تقديرا بمعنى واحد عن مجاهد أنها ليلة الحكم أي لكثرة الأحكام الألهية فيها أو للحكم الخاص المتعلق بها من زيادة فضيلة العباده واختصاصها بهذه الأمة كما صرح به بعض أرباب رواية والدراية رأيت أخرج الديلمي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن الله وهب لامتي ليلة القدر لم يعطيها من كان قبلهم قيل الحسين بن الفضل أما قدر الله المقادير قبل خلق السموات والأرض قال نعم قيل فما معنى ليلة القدر قال سوق المقادير إلى المواقيت وتنفيذ القضاء المقدر أقول والتحقيق أن الله سبحانه قدر المقدورات قبل خلق الموجودات على وفق ماتعلق علمه بالمكونات ويعبر عن علمه سبحانه بأم الكتاب الذي لايتغير ولا يتبدل في كل باب ثم خلق اللوح المحفوظ والقلم المحفوظ وأمر القلم بأن يكتب ما كان وما يكون من قرطاس النور في دواة النون فكتب كل أمرا طلوه أياه ثم جف القلم بما هو كاين على وقف علم الله وغايته أنه كتب فيه بعض الأشياء مجملا وبعضها مفصلا وبعضها مطلقا وبعضها معلقا فبهذا الأعتبار يجوز الزيادة والمحو بالنسبة إلى المنقوش في اللوح ولذا قال تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب ثم أنه سبحانه يأمر بكتابه نسخة مستوية مطابقة لما في اللوح المحفوظ بما يثبت في السنة من أولها إلى آخرها في ليلة القدر كما أنه يكتب عند نفخ الروح في كل ولد من أولاد بني آدم من رزقه وأجله وعمله وشقى وسعيد فهذا كله جزئيات مما في اللوح المحفوظ كما أنه جزئي من علم الله المحيط بالكليات والجزئيات والموجودات والمعدومات ثم يكتب الكرام الكاتبون أعمال العباد لجزاء يوم المعاد فتقابل كتابتهم بما في اللوح المحفوظ فلا زيادة ولا نقصان فسبحان من دبر أمر العباد على وفق ما أراد وهذا من جملة أسرار القدر والقضاء مما ضل وغوى فيها الجهلاء ، وتحير فيها العقلاء ولم يتخلص عنه العلماء ألا بقوله لا يسأل عما يفعل وهم يسألون هذا وقال الأزهري معناه في ليلة العظمة والشرف من قول الناس لفلان عند الأمير قد رأى جاه ومنزله ومنه قوله تعالى وما قدر والله حق قدره أي فأعظموه حق تعظيمه وقيل لأن العمل الصالح يكون فيه ذا قدر عند الله لكونه مقبولا كما سيأتي بيانه ودليله وبرهانه وقال سهل ليلة قدرت فيه الرحمة على العباد أي الأعلى المصر على العناد والفساد وقيل المعنى أنزلنا القرآن في فضل ليلة القدر قال البيضاوي الضمير للقرآن فخمه باضماره من غير ذكر شهادة له بالنباهة المغنية عن التصريح كما عظمه بأن اسند إليه انزاله وعظم الوقت الذي أنزل فيه بقوله وما أدراك ماليلة القدر وقال البغوي عجب بنبيه صلى الله عليه وسلم فقال وما أدراك ما ليلة القدر وتحقيقه ماذكره القاضي في سورة الحاقة أي في أي شيء أعلمك ماهي أي أنك لاتعلم كهنها فأنها أعظم من أن يبلغها دراية أحد وما مبتدأ وأدرك خبره ليلة القدر خير من ألف شهر قال عطاء عن إبن عباس ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني اسرائيل أنه حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله الف شهر فعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتمنى ذلك لأمته فقال يارب جعلت أمتي أقصر الأمم أعمارا وأقلها أعمالا فأعطاه الله ليلة القدر فقال ليلة القدر خير من ألف شهر التي حمل فيها الاسرائيلي السلاح في سبيل الله لك ولأمتك يوم القيامة قال المفسرون معناه عمل صالح في ليلة القدر خير من عمل الف شهر ليس في الف شهر وفي الدر أخرج الخطيب في تأريخه عن إبن عباس قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني أمية على منبره فساءه ذلك فأوحى الله إليه أن هذا ملك يصلونه فنزلت أنا أنزلناه في ليلة القدر قلت السبب قد تعدد فلا أشكال والله أعلم بالحال وقد أخرج مالك في الموطأ ، والبيهقي في الشعب عنه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى عمار الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر عمار أمته أن لايبلغوا من العمل مثل مابلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر قلت فيه أشارة إلى أن المدار على بركة العمر فكم من طويل العمر ضاع أوقاته وبطل ساعاته وكم من قصير العمر بورك له فيه من العلم والعمل والمعرفه والأدب ماتحير فيه أولو الألباب بسبب مداد رب الأرباب ثم فيه تنبيه على ان لله أن يفضل بعض الازمنة على بعضها من ليلة القدر وساعة الجمعة كما أن له يفضل بعض الامكنه كأرض تحريم وخصوص المسجد والكعبة فكذا لله أن يفضل بعض عباده بمحض فصله كما فضل نبينا صلى الله عليه وسلم على سائر الخلق وكما فضل هذه الأمة على بقية الأمم والله أعلم قال البغوي أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري أملاء يعني صاحب الرسالة بسنده المتصل إلى أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قام ليلة القدر أيمانا وأحتسابا غفر الله له ما تقدم من ذنبه قلت وكذا أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة وقال سعيد بن المسيب من شهد المغرب والعشاء في جماعة فقد أخذ بحظه من ليلة القدر وصح عن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم لو وافيت ليلة القدر فما أقول قال قولي اللهم أنك عفو تحب العفو فاعفو عني تنزل الملائكة والروح أي جبريل عليه السلام معهم فيها أي في ليلة القدر بأذن ربهم أي بأمره لأنهم مايعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون قال البيضاوي والحملة بيان لماله فضلت على ألف شهر وتنزيلهم إلى الأرض أو السماء الدنيا أو بقربهم إلى المؤمنين قلت الأخير هو الصحيح لما سيأتي مع أنه لامانع من الجمع على وجه التوزيع من كل أمر أي من أجل كل أمر قدر في تلك السنة وقال البغوي أي بكل أمر من الخير والبركة كقوله يحفظونه من أمر الله أي بالله انتهى والمقصود أن من تعليليه بمعنى الباء السببية سلام هي أي ماهي الا سلامه والمعنى لايقدر الله تعالى فيها الا السلامه ويقضي في غيرها السلامه والبلاء وهو قول الضحاك ويوضحه قول مجاهد يعني أن ليلة القدر سالمة لايستطيع الشيطان أن يعمل فيها سؤا ولا أن يحدث فيها اذى أو ماهي الاسلام لكثرة مايسلمون فيها على المؤمنين وهو قول الجمهور قال عطاء بريد سلام على اولياء الله وأهل طاعته وقال الحسن كما أخرجه إبن المنذر عنه في قوله سلام إذا كان ليلة القدر لم تزل الملائكة تخفق باجنحتها بالسلام من الله والرحمة من لدن صلاة المغرب إلى طلوع الفجر وأخرج إبن جرير وإبن مردوية عن إبن عباس قال في تلك الليلة يصفد مردة الشياطين وتغل عفاريت الجن ويفتح فيها أبواب السماء كلها ويقبل الله التوبة فيها لكل تائب فلذا قال سلام بقي حتى مطلع الفجر وقال الشعبي هو تسليم الملائكة ليلة القدر على أهل المساجد من حين تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر وقال الكلبي الملائكة ينزلون فيها كلما لقوا مؤمنا أو مؤمنة سلموا عليه من ربه حتى يطلع الفجر وقال بعضهم تم الكلام على سلام ثم قوله هي أي ليلة القدر مستمرة حتى مطلع الفجر أي إلى طلوع الفجر والجمهور على فتح اللام على أنه مصدر بمعنى الطلوع قال البغوي وهو الاختيار وقرأ الكسائي بكسر اللام وهو موضع الطلوع قلت الفتح أيضا يحتمل المصدر والزمان ولذا فسر البيضاوي بقوله وقت مطلعه أو طلوعه وأما الكسر فمصدر شاذ كالمرجع أو أسم زمان على غير قياس كالمشرف هذا وقال صاحب المعالم اختلف في وقتها فقال بعضهم أنها كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رفعت وعامة الصحابة والعلماء على أنها باقية إلى يوم القيامة وروى عن عبد الله بن نجسي مولى معاوية قال قلت لأبي بكر رضي الله عنه زعموا أن ليلة القدر قد رفعت قال كذب من قال ذلك قلت هي في كل شهر رمضان استقبله قال نعم وأخرج محمد بن نصر عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن ليلة القدر اهي شيء كان فذهب أم هي في كل عام فقال بل هي لامة محمد ما بقي منهم اثنان قلت ولو بقي منهم واحد وأخرج أبو داود والطبراني عن إبن عمر قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا اسمع عن ليلة القدر قال هي في كل رمضان وقال بعضهم ومنهم الإمام الأعظم هي من ليالي السنه حتى لو علق طلاق امرأته أو عتق عبده بليلة القدر لايقع مالم تمض سنه من حين حلف ويروى ذلك عن أبي مسعود قال من يقم الحول يصبها فبلغ ذلك عبد الله بن عمر فقال يرحم الله أبا عبد الرحمن أما أنه علم أنها في شهر رمضان ولكن أراد أن لاينكل الناس والظاهر أن كونها في رمضان أمر غالبي وكونها في ليالي السنه كلها أحتمال لايهام الله أياها وللأحاديث المتعارضه في تعينها واختاره الأمام أبو حنيفة لأجل * في تعليق المسألتين مع أنه وأصحابه ذهبوا مع جمهور العلماء على أنها ليلة سبع وعشرين ومما يؤكد القول بأنها في جميع السنة دائره ما أخرج إبن مرد وله عن إبن مسعود قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال كنت علمتها ثم اختلست مني وأرى أنها في رمضان فاطلبوها في تسع بيقين أو سبع بيقين أو ثلاث بيقين وآية ذلك أن الشمس تطلع ليس لها شعاع ومن قام السنة سقط عليها يعني البته قال البغوي والجمهور من أهل العلم أنها في شهر رمضان قلت ومنهم أبو يوسف ومحمد ويدل عليه ما رواه إبن ماجه عن أنس مرفوعا أن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها الا محروم وأختلفوا في تلك الليلة فقال أبو رزين العقيلي هي أول ليلة من شهر رمضان ويؤيده ما أخرج إبن مردوه عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التمسوا ليلة القدر في أول ليلة من رمضان وفي تسعة وفي أحدى عشرة وفي أحدى وعشرين وفي آخر ليلة من رمضان وقال الحسن هي ليلة سبع عشرة وهي الليلة التي كانت صبيحتها وقعة بدر قلت وهو المناسب لما ورد من سبب نزولها كما تقدم والله أعلم ويؤيده ما أخرجه إبن أبي شيبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث إبن هشام قال ليلة القدر ليلة سبع عشرة ليلة جمعة وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن حريث قال إنما أرى أن ليلة القدر لسبع عشره ليلة الفرقان وأخرج محمد بن نصر والطبراني عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه كان يحي ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان وليلة سبع وعشرين ولاء كاحياء سبع عشرة فقيل له كيف يحي ليلة سبع عشرة قال أن فيها نزل القرآن وفي صبيحتها فرق بين الحق والباطل وأخرج إبن أبي شيبة وإبن منيع والبخاري في تاريخه والطبراني وأبو الشيخ والبيهقي عن زيد بن أرقم أنه سئل عن ليلة القدر فقال ليلة سبع عشرة مانشك ولا نستثنى وقال ليلة نزل القرآن ويوم الفرقان يوم التقى الجمعان وأخرج الحارث إبن أبي اسامة عن عبد الله بن الزبير قال هي الليلة التي لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومها أهل بدر يقول الله تعالى وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان وأخرج سعيد بن منصور وإبن أبي شيبة ومحمد بن نصر والطبراني وإبن مردويه عن إبن مسعود قال التمسوا ليلة القدر بسبع عشره خلت من رمضان فأنها صبيحة يوم بدر التي قال الله وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان والصحيح الذي عليه الأكثرون أنها في العشر الآواخر من شهر رمضان لما روى الترمذي عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشره الآواخر من رمضان ويقول تحروا ليلة القدر في العشر الآواخر من رمضان ولما أخرج بن أبي شيبة وعبد بن حميد عن إبن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوا ليلة القدر في العشر الآواخر من رمضان ولما ثبت عنها أيضا قالت كان يجتهد في العشر الآواخر مالا يجتهد في غيرها ولما رواه البخاري عنها أيضا قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر سد ميزره وأحيي ليله وايقظ أهله ثم أختلفوا أنها في أي ليلة من العشر فروي البخاري ومسلم وإبن أبي شيبة وأحمد والترمذي عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الآواخر من رمضان وأخرج إبن أبي شيبة وعبد بن حميد وإبن خرير في تهذيبه عن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان ملتمسا ليلة القدر فليلتمسها في العشر الآواخر وترا وثبت عن أبي بكر أنه كان يقول ما أنا بطالبها بعد شيء سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم الا في العشر الآواخر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول التمسوها في العشر الآواخر من تسع بقين أو سبع بقين أو خمس بقين أو ثلاث بقين آواخر ليلة وروى البخاري عن عبادة بن الصامت قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فقال خرجت لاخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة ولا متمسك بهذا الحديث في رفعها فأن المراد رفع تعينها لارفع نفسها كما يدل عليه قوله فالتمسوها الحر وفيه دلاله ظاهرة على أن القلوب الطاهرة تتأثر بالسرعة لاحساس الأمور المتنافرة ولو على الطريقة النادرة فكيف إذا وقعت على سبيل المتكاثرة وروى مالك عن نافع عن إبن عمر أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنافع في السبع الآواخر من رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أرى روياكم قد تواطات في السبع الآواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الآواخر وروى عن أبي سعيد الخدري أنها ليلة أحدى وعشرين وسيأتي ما يؤيده وقال بعضهم هي ليلة ثلاث وعشرين ويؤيده ماثبت عن أبي هريرة قال تذاكرنا ليلة القدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كم مضى من الشهر فقلنا اثنان وعشرون وعشرون وبقى ثمان فقال مضى اثنان وعشرون وبقى سبع فطالوها الليلة الشهر تسع وعشرون وقال قوم هي ليلة سبع وعشرين وهو قول علي وأبي وعائشة وإبن عباس رضي الله عنهم وقد ثبت برواية أحمد ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي والبخاري وغيرهم عن عاصم عن زر قال قلت لأبي بن كعب أبا المنذر أخبرنا عن ليلة القدر فأن إبن عبد يقول من يقم الحول نصيبها فقال رحم الله أبا عبد الرحمن اما أنه قد علم أنها في رمضان ولكن كره أن يخبركم فتتكلوا هي والذي أنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم ليلة سبع وعشرين فقلت ياباالمنذر أني علمت هذا قال بالآية التي أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم فحفظنا وعودنا هي والله لا يستثنى قال قلنا لزر وما الآية قال تطلع الشمس كأنها طابس وفي رواية البخاري وغيره طست ليس لها شعاع ومن علامتها ما روى الحسن رفعها أنها ليلة بلحة أي مشرقه سمحة لا حارة ولا بارده تطلع الشمس صبيحتها لاشعاع لها وأخرج أحمد وإبن زنجويه ومحمد بن نصر وإبن مردوية والبيهقي عن عبادة إبن الصامت أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال في رمضان فالتمسوها في العشر الآواخر فأنها في وتر ليلة أحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين آواخر ليلة من رمضان من قامها أحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن أماراتها ليلة بلحة صافية ساكنه ساحيه أي ساكنه حاره ولا بارده كان فيها قمرا ساطعا ولا يحل للحم أن يرمى له في تلك الليلة حتى الصباح وأن من اماراتها أن الشمس تطلع صبيحتها مستوية لاشعاع لها كأنها القمر ليلة البدر حرم الله على الشيطان أن يخرج معها يومئذ وروى الطبراني عن وائلة مرفوعا ليلة القدر ليلة بلحة لا حاره ولا بارده ولا سحاب فيها ولا مطر ولا ريح ولا يرمى فيها * ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها وفي رواية الطيالسي عن إبن عباس تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء وروى الطبراني أنها ليلة ريح ومطر ورعد والجمع بأنها تاره كذا وتاره كذا أو أول ليلة بصفة وآخرها باخري والله أعلم قال البغوي ففي الجملة ابهم الله تعالى هذه الليلة على هذه الأمة ليجتهدوا في العبادة ليالي شهر رمضان طمعا في أدراكها كما أخفي ساعة الجماعة في يوم الجمعة وأخفي الصلاة الوسطى في الصلوات الخمس واسمه الأعظم في الأسماء ورضاه في الطاعات ليرغبوا في جميعها وسخطه في المعاصي لينتهوا عن جميعها وأخفي قيام الساعة ليجتهدوا في الطاعات حذرا من قيامها قلت ومن مات فقد قامت قيامته والموت أن لم يكن بغته فقد ماته لايكون الا فجاة وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر أنها آخر ليلة وأخرج محمد بن نصر عن معاوية قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان وأخرج عبد الرزاق وإبن أبي شيبة عن أبي قلابة قال ليلة القدر تتنقل في العشر الآواخر في كل وتر وأخرج إبن جرير في تهذيبه عن أبي قلابه قال ليلة القدر تحول في ليالي العشر كلها قلت وبهذا يجمع بين الأحاديث والأقوال ويزول الأشتباه والأشكال وأجمع منه من قال أنها تحول في ليالي رمضان كلها ثم الأجمع من الجميع من قال أنها تدور في ليالي السنه كلها لحصل بركها إلى سائرها وليدركها الأمة المرحومة غالبها فقد أخرج البيهقي عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى المغرب والعشاء في جماعة حتى ينقض شهر رمضان فقد أصاب من ليلة القدر بخط وافر وخرج الخطيب عن أنس مرفوعا من صلى ليلة القدر العشاء والفجر في جماعة فقد أخذ من ليلة القدر بالنصيب الوافر وأخرج بن خزيمة والبيهقي عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى العشاء الأخره في جماعة في رمضان فقد أدرك ليلة القدر وأخرج البيهقي عن علي قال من صلى العشاء كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ فقد قامه ومما يدل على أطلاق الليالي ولو في غير رمضان ما أخرجه مالك وإبن أبي شيبة وإبن زنجويو والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال من شهد العشاء ليلة القدر في جماعة فقد أخذ بخطه منها ثم هذا لاينافي وقوعها باعتبار الاغلبية في أحدى ليالي رمضان كله أو في أوله أو في سبع عشرة أو أحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين أو في آخر ليلة مع أن الادله على كونها سبعا وعشرين أكثر وعليه جمهور الصحابة وعامة العلماء ومما يؤيده ما أخرجه إبن أبي شيبة وإبن سعد عن أبي بن كعب قال ليلة القدر سبع وعشرين وأخرج إبن أبي شيبة عن زر أنه سئل عن ليلة القدر فقال كان عمر وحذيفة وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لايشكون أنها ليلة سبع وعشرين وأخرج بن جرير عن علي قال ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وأخرج عبد بن حميد عن إبن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وأخرج إبن نصر وإبن جرير في تهذيبه والبزار والطبراني عن معاوية بن أبي سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليلة القدر ليلة سبع وعشرين وأخرج أحمد والطبراني عن إبن عمر مرفوعا تحروا ليلة القدر فمن كان متحرها فليتحرها ليلة سبع وعشرين وأخرج محمد بن نصر عن أبي زر قال قلت يارسول الله أخبرني عن ليلة القدر اشي يكون في زمان الأنبياء ينزل عليهم فيها الوحي فإذا اقبضوا رفعت أم هي إلى يوم القيامة قال بل هي إلى يوم القيامة قلت يارسول الله حدثني أي الشهر هي قال أن الله لو اذن لي أن أخبركم بها لاخبرتكم فالتمسوها في العشر الآواخر من رمضان في أحد السبعين ثم لاتسألني عنها بعد مرتك هذه ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس يحدثهم فلما رأيته قد استنطق به الحديث قلت اقسمت عليك يارسول الله لتخبرني بها في أي السبعين هي فغضب على غضبنا لم يغضب على قبلها ولا بعدها فقال أن الله علو أمري أن أخبركم لاخبركم لا آمن أن يكون في السبع الآواخر قيل لأبي عمروا رأيت قوله أطلبوها في أحد السبعين قال يعني ليلة ثلاث وعشرين وليلة سبع وعشرين قلت وكأنه نظر إلى أول السبع وآخره والأظهر أن أحد السبعين سبع عشرة والآخر السبع والعشرون ثم قوله السبع الآواخر يراد به السبع والعشرون نعم ما يدل على كونها ليلة ثلاث وعشرين ما أخرجه مالك إبن سعد وإبن أبي شيبة وأحمد ومسلم والطحاوي والبيهقي عن عبد الله بن أنيس أنه سئل عن ليلة القدر فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول التمسوها الليلة وتلك الليلة ليلة ثلاث وعشرين وأخرج مالك والبيهقي عن أبي النصر مولى عمر بن عبيد الله بن أنيس الجهني عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يارسول الله أني لاحل شاسع الدار أي يعيدها عن المدينة فمرني بليلة أنزل لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل ليلة ثلاث وعشرين من رمضان قلت وفيه دليل على أن احيأ ليلة القدر ينبغي أن يكون في مكان ذي قدر لحوز العبادة زيادة المثوبة باعتبار فضيلتي الزمان والمكان في تلك الحاله لكن أخرج البيهقي عن الزهري قال قلت لضمره بن عبد الله بن أنيس ما قال النبي صلى الله عليه وسلم لابيك في ليلة القدر قال كان أبي صاحب باديه قال فقلت يارسول الله مرني بليلة أنزل فيها قال أنزل ليلة ثلاث وعشرين قال فلما تولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلبوها في العشر الآواخر فهذا يدل على اختصاص السائل به أما لكونها في تلك السنة بخصوص تلك الليلة أو أراد أنزل ليلة ثلاث وعشرين إلى آخر الشهر ومما يدل على أنها تكون في غير الاوتار ما أخرجه الطيالسي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليلة القدر أربع وعشرون وأخرج أحمد والطحاوي وأبو داود والطبراني وإبن جرير وإبن مردويه عن بلال قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة القدر ليلة أربع وعشرين وأخرج محمد بن نصر عن إبن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال التمسوا ليلة القدر في أربع وعشرين وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي من طريق أبي نضره عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوها في العشر الآواخر من رمضان والتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة قلت ياياسعيد أنكم علم بالعدد منا قال أجل قلت ما التاسعة والسابعة والخامسة قال إذا مضت واحدة وعشرون فالتي تليها التاسعة وإذا مضت الثلاث والعشرون فالتي تليها السابعة وإذا مضى خمس وعشرون فالتي تليها الخامسة وأخرج الطيالسي وإبن زنجوية وإبن حبان والبيهقي عن أبي ذر قال منها مع رسول الله فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى إذا كانت ليلة أربع وعشرين السابع مما يبقى صلى بنا حتى كاد أن يذهب ثلث الليل فلما كانت ليله خمس وعشرين لم يصل بنا فلما كانت ليله ست وعشرين الخامسة مما * صلى بنا حتى كاد أن يذهب شطر الليل فقلت يارسول الله لو نقلتنا بقية ليلتنا فقال لا أن الرجل إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة فلما كانت ليلة سبع وعشرين لم يصل بنا فلما كانت ليلة ثمان وعشرين جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله واجتمع له الناس فصلى بنا حتى كاد أن يفوتنا الفلاح ثم لم يصل بنا شيئا من الشهر والفلاح السحور قلت وبهذا يتبين معنى مارواه البخاري وأبو داود وإبن جرير والبيهقي عن إبن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال التمسوها في العشر الآواخر من رمضان في تاسعة تبقى وفي سابعة تبقى وفي خامسة تبقى لكن يعارضه ما أخرجه محمد بن نصر والحاكم وصححه عن النعمان بن بشير قال قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننت أنا لا ندرك الفلاح وكنا نسميها الفلاح وأنتم تسمون السحور وأنتم تقولون ليلة سابعة ثلاث وعشر ونحن نقول ليلة سابعه سبع وعشرون فنحن اصوب أم أنتم قلت فكان الخلاف وقع بين الصحابة في سابقه تبقى وهذا الحديث يرجح انها هي السبع والعشرون ويصحح أنها أقوى أحد السبعين على ماسبق ذكرهما في الحديث الأول فتأمل وأخرج البخاري في تاريخه عن إبن عمر وسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال إبن عباس أن * يجب السبع ولقد اتيناك سبعا من المثاني وأخرج محمد بن نصر وإبن جرير والطبراني والبيهقي عن إبن حبان أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم * الله أني شيخ كبير يشق على القيام فمرني بليلة لعل الله أن يوفقني فيها ليلة القدر وقال عليك بالسابعة وأخرج البيهقي من طريق الأوزاعي عن عبيدة بن أبي لبابه قال ذقت ماء البحر ليلة سبع وعشرين من شهر رمضان فإذا هو عذب قلت وصبيحة ليلة القدر أيضا لها زيادة فضيلة على سائر الازمة كما يدل عليه ما أخرجه البيهقي في شعب الأيمان عن أبي يحيى بن مره قال طفت ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان فأريت الملائكة في الهواجر إلى البيت والهاجره على مافي القاموس شده الحر ونصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر أو في عند زوالها إلى العصر لأن الناس يسكنون في بيوتهم كأنهم قد تهاجروا وأخرج إبن أبي شيبة عن الحسن بن الجسر قال بلغني أن العمل في يوم القدر كالعمل في ليلتها وأخرج إبن أبي شيبة عن عامر قال يوم كليلتها وليلتها كيومها وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعا أربع لياليهن كايامهن وأيامهن كلياليهن بيسر الله فيها القسم ويعتق فيها النسيم ويعطي فيهن الجزيل ليلة القدر وصباحها وليلة عرفه وصباحها وليلة النصف من شعبان وصباحها وليلة الجمعة وصباحها قلت الظاهر أن الترتيب في فضلنا ما رتب في عطفها هذا وأخرج البيهقي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله فإذا كان يوم عيدهم باقي بهم ملائكته فقال ياملائكتي ماجزاء اجير وفي عمله قالوا ربنا جزاؤه ان يوفي اجره قال ياملائكتي عبيدي وأمائي قضوا فريضتي عليهم ثم خرجوا * إلى بالدعاء وعزتي وجلالي وكرمي وعلوي وارتفاع مكاني أي مكانتي لأجيبنهم فيقول أرجعوا قد غفرت لكم وبدلت سيئاتكم حسناتك فيرجعون * لهم وأخرج محمد بن نصر عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قراانا أنزلناه في ليلة القدر عدلت بربع القرآن قلت فينبغي أن يقرأها أربع مرات ليحصل له ثواب ختمه كامله وأما ما ذكره القاضي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة القدر أعطي من الأجر كمن صام رمضان واحيي ليلة القدر فموضوع باتفاق ثم رأيت السيوطي رحمه الله ذكر في الجامع الكبير عن أبي جعفر بن علي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استهل هلال شهر رمضان استقبله بوجهه ثم يقول اللهم اهله علينا بالأمن * والاسلام والعافية المجلله ودفاع * والعون على الصلاة والصيام وتلاوة القرآن والقيام اللهم سلمنا لرمضان وسلمه لنا حتى يخرج رمضان وقد غفرت لنا ورحمتنا وعفوت عنا ثم يقبل على الناس بوجهه فيقول أيها الناس أنه إذا أهل هلال شهر رمضان علت فيه مردة الشياطين وغلقت أبواب جهنم وفتحت أبواب الرحمة ونادى مناد من السماء كل ليلة هل من سائل هل من تائب مضل من استغفر اللهم اعط كل منفق خلقا وكل ممسكا تلفا حتى إذا كان يوم الفصل نادى مناد من السماء هذا يوم الجائزه فاغدوا فخذوا جوائزكم قال محمد بن علي لا تشبه جوائز الأمراء رواه إبن عساكر في تاريخه وفقنا الله لما يحبه ويرضاه واقامنا على جادة الاستقامة واغنانا عما سواه واثبتنا في ديوان السعداء مع أولياء الله ومحا عنا الحجاب يوم نلقاه وجمع بيننا وبين ارباب الجمع من كل فرد انفرد بمقام الحضور في خدمة مولاه وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين .
صفحة ٤٢