رسائل المقريزي
الناشر
دار الحديث
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هـ
مكان النشر
القاهرة
وروى شريك عن سالم، عن سعيد بن جبير قال: يدخل الرجل الجنة فيقول: أين أبى؟ أين أمى؟ أين ولدى؟ أين زوجى؟ فيقال له: لم يعملوا مثل عملك. فيقول: كنت أعمل لى ولهم، فيقال لهم: ادخلوا الجنة. ثم قرأ:
جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ وَأَزْواجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ
«١» .
قال جامعه: فإذا أكرم الله تعالى المؤمن لإيمانه، فجعل ذريته الذين لم يستحقوا درجته معه في الجنة لتقصيرهم، فالمصطفى ﷺ أكرم على ربه ﵎ من أن يهين ذريته بإدخالهم النار في الآخرة، وهو ﷿ يقول: إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ
«٢» .
بل من كمال شرفه ﷺ ورفيع قدره، وعظيم منزلته عند الله ﷿، أن يقر الله ﷾ عينه بالعفو عن جرائم ذريته، والتجاوز عن معاصيهم، ومغفرة ذنوبهم، وأن يدخلهم الجنة من غير عذاب جهنم.
وقال تعالى: وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُما وَكانَ أَبُوهُما صالِحًا
«٣» .
قال سفيان عن مسعر عن عبد الملك عن ميسرة عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضى الله عنهما في قوله: وَكانَ أَبُوهُما صالِحًا
قال: حفظا لصلاح أبيهما، وما ذكر عنهما صلاحا.
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين «٤»، وكان السابع من آبائهما. قال جامعه: فإذا صح أن الله سبحانه قد حفظ غلامين لصلاح أبيهما فيكون قد حفظ الأعقاب برعاية الأسلاف وإن طالت الأحقاب «٥» .
ومن ذلك ما جاء في الأثر أن حمام الحرم من حمامتين عشّشتا على فم الغار الذى اختفى فيه رسول الله ﷺ؛ فلذلك حرّم حمام الحرم. وإذا كان كذلك فمحمد ﷺ أحرى وأولى وأحق، وأجدر أن يحفظ الله ذريته، فإنه إمام الصلحاء،
1 / 201