المحبوب، مثلما إن الحب يقترن بالتضحية، موردًا هنا مثل " لقست " (Alcestis) الزوجة الوفية التي ضحت بنفسها من أجل زوجها بعد أن أنكره كل الناس حتى أبوه وأمه (١) . ويقول أبو الهذيل العلاف " غير أن العشق من أريحية تكون في الطبع وطلاقة توجد في الشمائل، وصاحبه جواد لا يصغي إلى داعية المنع ولا يصيخ لنازع العذل " (٢) . ويقول آخر: " وأيسر ما يبذله لمعشوقه أن يقدم دونه " (٣) - وتلك هي التضحية - ويصف أغاثون - وهو المتحدث الخامس - كيف إن الحب نموذج للرقة، رشيق، جميل القسمات يعيش بين الأزهار، وإنه شجاع حكيم وكل من يمسه يصبح حكيمًا، وإنه يقرب بين النفوس ويزيل الشعور بالاغتراب، وهو أبو اللياقة واللطف وكل ضرب الفضل (٤)، وإذا نحن تغاضينا عن التشخيص أحيانًا في العبارات اليونانية - لأن الحديث عن الحب في العربية كثيرًا ما ينصرف إلى المحب نفسه - وجدنا أحد المتحدثين في مجلس يحيى يقول: " هو (ي الحب) من بحر اللطافة ورقة الصنيعة وصفاء الجوهر (٥) " وآخر يقول أنه " موسوم بالبراءة ولطف الصورة " (٦) ويقول: " وإلى غاية الرقة يضاف صاحبه " (٧) .. وثالثًا يقول: " العشق أرق من السراب وأدب من الشراب " فهذه كلها مواطن للتشابه قد ترجح القول بمعرفة " المأدبة " وقد تكون أيضًا نتيجة نظرة مستقلة في جانب من تلك التجربة الإنسانية المشتركة بين الناس.
_________
(١) (The Symposium by Plato، translated by W.Hamilton (Penguin Books، ١٩٥٦) pp. ٤٢ - ٤٥. وخلاصة القصة أن أبولو انبأ أدميتس ملك فيراي إحدى مدن تشطاليا بأن الموت مدركه لا محالة إن لم يجد من يموت نيابة عنه، فرفض أبوه وأمه ذلك، وتقدمت روجه لقست لتفديه بنفسها.
(٢) المسعودي ٤: ٢٣٧.
(٣) المسعودي ٤: ٢٣٩.
(٤) (He Symposium، pp. ٦٨ seq) .
(٥) أنظر المسعودي ٤: ٢٣٧، ٢٤٠، ٢٣٨.
(٦) أنظر المسعودي ٤: ٢٣٧، ٢٤٠، ٢٣٨.
(٧) أنظر المسعودي ٤: ٢٣٧، ٢٤٠، ٢٣٨.
1 / 26