إنه عين النفاق ، وذكر عن النصر اباذي أنه كان كثير الولع بالسماع ، فعوتب في ذلك ، فقال : نعم ، هو خير من أن تقعد وتغتاب ، فقال له أبو عمرو بن نجيد وغيره من إخوانه : هيهات يا أبا القاسم ، زلة في السماع شرمن كذا وكذا سنة تغتاب الناس ، وذلك أن زلة السماع إشارة إلى الله تعالى ، وتدبج حال بصريح المحال ، وفي ذلك ذنوب متعددة ، منها أنه يكذب على الله أنه وهب له شيئا ، وما وهب له ، والكذب على الله تعالى من أقبح الزلات ، ومنها أن يغر بعض الحاضرين ، فيحسن به الظن ، والغرور جناية ، قال عليه الصلاة والسلام : من غشنا فليس منا ، إلى آخر ما ذكر صاحب العوارف .
... أقول إذا كان هذا بالسماع المباح ، فكيف بمن هو متلبس بفعل حرام ، وهو الرقص المذكور ، ومن جملة القبائح ، وأقبحها الافتراء على الله في أن مثل هذا الرقص مباح ، أو قربة ، فإن واضع الإحكام هو الله تعالى وحده ، لا حكم لغيره فيها ، فإباحة ما حرمه ، أو العكس افتراء عليه ، وإسناد إليه ما لم يفعله [ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا] (¬1) ونحن قد أغنى الدليل من الكتاب والسنة ، والإجماع على حرمته متى كان بالصفة المذكورة ، فإنه لهو ولعب/ 6أ وعبث ، وقد ذم ذلك سبحانه في كتابه ، ورسوله في سنته ، وأولوا العلم والعقل في كلامهم ، [ ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور] (¬2) .
فصل :
صفحة ١٤