رحمة للعالمين
الناشر
دار السلام للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
مكان النشر
الرياض
تصانيف
"هل لكم رغبة في شيء يكون فيه خيركم" قالوا: "وما ذاك؟ قال: أنا رسول الله، بعثني إلى العباد أدعوهم إلى الله أن يعبدوا الله ولا يشركوا به، أنزل الله علي الكتاب).
ثم أوضح لهم أصول الإسلام وتلا عليهم القرآن الكريم، فقال إياس بن معاذ وكان لا يزال شابا صغيرا: "يا قومي! هذا والله خير مما جئتم له".
عندئذ أخذ أبو الحيسر أنس بن رافع حفنة من التراب فضرب بها وجه إياس بن معاذ وقال: "اسكت، ما جئنا لهذا"، فنهض رسول الله ﷺ وانصرف. كان هذا قبل حرب بعاث بين الأوس والخزرج، ورجع إياس ومات بعدها بعدة أيام. وعند موته ظل يهلل الله ويكبره ويحمده ويسبحه. فقد غرست في قلبه بذرة الإسلام حين سمع كلام رسول الله ﷺ (١) وأثمرت حين مات.
وفي تلك الأيام أيضا قدم مكة ضماد وكان من أهل اليمن، واشتهر بين العرب برقياه لمن مسه الجن، فسمع أن محمدا ﷺ به أثر من جن، فقال لقريش: يمكنني أن أعالج محمدا، فحضر إلى النبي ﷺ وقال: يا محمد، سمعت أن بك مس، فقال له النبي ﷺ اسمعني أولا:
"الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، أما بعد .. "
وحين سمع ضماد ما قاله النبي ﷺ انطلق قائلا أعد علي كلماتك هؤلاء، فأعادها عليه رسول الله ﷺ مرتين أو ثلاث مرات، فقال: لقد سمعت قول الكهنة والسحرة والشعراء، فما سمعت مثل هذه الكلمات، ولقد بلغن ناعوس البحر، يا محمد، هات يدك أبايعك على الإسلام" (٢).
المعراج:
في السابع والعشرين من شهر رجب من السنة العاشرة من البعثة أسرى الله تعالى بالنبي ﷺ وأراه ملكوت السماوات والأرض، فذهب أولا من المسجد الحرام إلى بيت المقدس وهناك صلى بالأنبياء إماما ثم عرج به إلى السماوات والتقى بالأنبياء كل في مقامه
_________
(١) الطبري ٢/ ٢٣٤.
(٢) صحيح مسلم (رقم ٨٦٨).
1 / 64