رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر

مرعي الكرمي ت. 1033 هجري
50

رفع الشبهة والغرر عمن يحتج على فعل المعاصي بالقدر

محقق

أسعد محمد المغربي

الناشر

دار حراء-مكة المكرمة

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٠هـ

مكان النشر

السعودية

قَالَ وَهَذَا مِمَّا احْتج بِهِ الْقَدَرِيَّة النفاة على أَن الصَّحَابَة لم يَكُونُوا يَقُولُونَ ان الله خَالق أَفعَال الْعباد كَمَا احْتج بعض المثبتة بقوله تَعَالَى ﴿وَلَكِن الله رمى﴾ وَكِلَاهُمَا خطأ انْتهى كَلَام ابْن تَيْمِية ﵀ قلت وَالظَّاهِر أَن الضَّابِط فِيمَا يُضَاف إِلَيْهِ تَعَالَى وينسب لَهُ هُوَ مَا انْفَرد سُبْحَانَهُ بأيجاده من غير فعل للْعَبد فِيهِ وَلَو صُورَة وَهُوَ الْمُسَبّب دون السَّبَب المتصف بِهِ العَبْد فَيُقَال مثلا وَمَا قتلت وَلَكِن الله قتل لِأَن الْقَتْل هُوَ زهوق الرّوح وَهُوَ مسبب عَن الْقَتْل نَاشِئ عَنهُ حَاصِل بِفعل الله خَاصَّة وَكَذَا مَا داواك الطَّبِيب اَوْ مَا شفاك وَلَكِن الله شفاك وَمَا شربت وَلَكِن الله أرواك وَمَا أكلت وَلَكِن الله أشبعك وَمَا ضربت وَلَكِن الله آلم على معنى مَا ضربت ضربا مؤلما وَلَكِن الله آلم وَمَا سودت لون الثَّوْب وَلَكِن الله سوده لِأَن كل وَاحِد من هَذِه الْأُمُور سَبَب وَالله خَالق للسبب بِدُونِ مُشَاركَة صورية كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَلَكِن الله رمى﴾ فان الْإِصَابَة مسببة عَن الرَّمْي الَّذِي هُوَ السَّبَب وَلَا يُنَازع أحد فِي أَن الْأَمر بالأسباب الْمُوجبَة كَالْقَتْلِ والتداوي لَيْسَ أمرا بمسبباتها الَّذِي هُوَ الزهوق والشفاء وَأما من حَيْثُ الْخلق فيضاف إِلَيْهِ سُبْحَانَهُ كل مَخْلُوق لِأَن الْمَعْلُوم ان كل مَخْلُوق يُقَال هُوَ من الله بمضىء انه خلقه بَائِنا عَنهُ لَا بمضىء انه قَامَ بِهِ واتصف بِهِ هَذَا وَقد توهم كثير من زنادقة المتصوفة من نَحْو قَوْله تَعَالَى ﴿وَمَا رميت إِذْ رميت وَلَكِن الله رمى﴾ وَقَوله تَعَالَى ﴿إِن الَّذين يُبَايعُونَك إِنَّمَا يبايعون الله﴾ إِن العَبْد هُوَ عين الرب تَعَالَى الله عَن ذَلِك

1 / 65