وَلما رَجَعَ عمر بن الْخطاب ﵁ عَن دُخُول دمشق من أجل الطَّاعُون قَالَ لَهُ أَبُو عُبَيْدَة كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَهُوَ إِذْ ذَاك أَمِير الشَّام أفرارا من قدر الله فَقَالَ عمر لَو غَيْرك قَالَهَا يَا أَبَا عُبَيْدَة نعم نفر من قدر الله إِلَى قدر الله
فَهَذَا كَلَام رَسُول الله وَكَلَام صَاحبه صَرِيح أَن السَّبَب والمسبب بِقدر الله تَعَالَى وَقَالَ الله تَعَالَى ﴿وَقل اعْمَلُوا فسيرى الله عَمَلكُمْ وَرَسُوله﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿يَا أَيهَا الرُّسُل كلوا من الطَّيِّبَات وَاعْمَلُوا صَالحا﴾ والآيات فِي هَذَا كَثِيرَة وَقَالَ الإِمَام بن حزم ﵀ فِي الْملَل والنحل صَحَّ عَن رَسُول الله ﷺ تَصْحِيح الطِّبّ وَالْأَمر بالعلاج وَأَنه ﵇ قَالَ تداووا فَإِن الله تَعَالَى لم يخلق دَاء إِلَّا خلق لَهُ دَوَاء إِلَّا السأم والسأم الْمَوْت قَالَ فأعترض قوم فَقَالُوا قد سبق علم الله ﷿ بنهاية أجل الْمَرْء وَمُدَّة صِحَّته وَمُدَّة سقمه فَأَي معنى للعلاج قَالَ فَقُلْنَا لَهُم نسألكم هَذَا السُّؤَال نَفسه فِي جَمِيع مَا يتَصَرَّف فِيهِ النَّاس من الْأكل وَالشرب واللباس لطرد الْبرد وَالْحر وَالسَّعْي فِي المعاش بالحرث وَالْغَرْس وَالْقِيَام على الْمَاشِيَة والتحرف بِالتِّجَارَة والصناعة ونقول لَهُم قد سبق علم الله تَعَالَى بنهاية أجل الْمَرْء وَمُدَّة صِحَّته وَمُدَّة سقمه فَأَي معنى لكل مَا ذكرنَا فَلَا جَوَاب لَهُم إِلَّا أَن يَقُولُوا إِن علم الله تَعَالَى قد سبق أَيْضا بِمَا يكون من كل ذَلِك وبأنها أَسبَاب إِلَى بُلُوغ نِهَايَة الْعُمر الْمقدرَة فَنَقُول لَهُم وَهَكَذَا الطِّبّ قد سبق فِي علم الله تَعَالَى أَن هَذَا العليل يتداوى وَأَن تداويه سَبَب إِلَى بُلُوغ نِهَايَة أَجله فالعلل مقدرَة والزمانة مقدرَة وَالْمَوْت مُقَدّر والعلاج مُقَدّر وَلَا مرد لحكم الله ونافذ علمه فِي كل شَيْء من ذَلِك
1 / 24