وأما الميت فلما لم يكن عليه فعل لا يجب ذلك في حقه؛ وذلك لأن التوجيه يحصل بتوجيه الوجه فقط.
وإنما زيد عليه توجيه الصدر ومقدم البدن في الأحياء؛ لوجود العبادات فيهم، فلا يلحق بهم الميت في هذا الوجوب ما لم يثبت بدليل، والقياس مع الفارق كما نبهتك عليه.
ويؤيده ما ذكره أصحابنا في بحث صلاة المريض،فإنهم قالوا:إذا لم يقدر على القيام والقعود،أومئ مستلقيا،أو على جنبه الأيمن،والأول أحب(1).
فورد عليهم أن القياس يقتضي أن يكون الثاني أحب؛ لأن استقبال القبلة يحصل به؛ ولهذا يوضع في اللحد مضطجعا، فإن المستلقي يكون مستقبلا للسماء، وإنما يستقبل القبلة رجلاه، فأجابوا: بأن التوجه بالقدر الممكن فرض، وذلك في الاستلقاء؛ لأن الإيماء هو تحريك الرأس، فعند الاستلقاء يقع إيماؤه إلى جهة القبلة، ولا كذلك في حال الاضطجاع بخلاف وضع الميت في اللحد؛ لأنه ليس على الميت فعل يجب توجيهه إلى القبلة؛ ليوضع مستلقيا، فيكفي له الاستقبال بالجنب. كذا في ((البحر الرائق))(2)، وغيره(3)، فافهم.
صفحة ٤٣