رفع الملام عن الأئمة الأعلام - ط العصرية

ابن تيمية ت. 728 هجري
80

رفع الملام عن الأئمة الأعلام - ط العصرية

تصانيف

هَذَا الدَّوْرُ الْآخَرُ، لِأَنَّ عَامَّةَ النُّصُوصِ الْمُحَرِّمَةِ لِلَّعْنِ مُتَضَمِّنَةٌ لِلْوَعِيدِ. فَإِنْ لَمْ يَجُزْ الِاسْتِدْلَالُ بِنُصُوصِ الْوَعِيدِ عَلَى مَحَلِّ الْخِلَافِ، لَمْ يَجُزْ الِاسْتِدْلَالُ بِهَا عَلَى لَعْنٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ. وَلَوْ قَالَ: أَنَا أَسْتَدِلُّ عَلَى تَحْرِيمِ هَذِهِ اللَّعْنَةِ بِالْإِجْمَاعِ. قِيلَ لَهُ: الْإِجْمَاعُ مُنْعَقِدٌ عَلَى تَحْرِيمِ لَعْنَةِ مُعَيَّنٍ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ. أَمَّا لَعْنُ الْمَوْصُوفِ فَقَدْ عَرَفْت الْخِلَافَ فِيهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ لَعْنَ الْمَوْصُوفِ لَا تَسْتَلْزِمُ إصَابَةَ كُلٍّ وَاحِدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ، إلَّا إذَا وُجِدَتْ الشُّرُوطُ، وَارْتَفَعَتْ الْمَوَانِعُ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ. وَيُقَالُ لَهُ أَيْضًا: كُلُّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَدِلَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى مَنْعِ حَمْلِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ عَلَى مَحَلِّ الْوِفَاقِ تَرِدُ هُنَا. وَهِيَ تُبْطِلُ هَذَا السُّؤَالَ هُنَا، كَمَا أَبْطَلَتْ أَصْلَ السُّؤَالِ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ بَابِ جَعْلِ الدَّلِيلِ مُقَدِّمَةً مِنْ مُقَدِّمَاتِ دَلِيلٍ آخَرَ، حَتَّى يُقَالَ: هَذَا مَعَ التَّطْوِيلِ إنَّمَا هُوَ دَلِيلٌ وَاحِدٌ. إذْ الْمَقْصُودُ مِنْهُ أَنْ نُبَيِّنَ أَنَّ الْمَحْذُورَ الَّذِي ظَنُّوهُ، هُوَ

1 / 82