رفع الملام عن الأئمة الأعلام - ط العصرية

ابن تيمية ت. 728 هجري
62

رفع الملام عن الأئمة الأعلام - ط العصرية

تصانيف

وَنَحْوِهِمَا الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهِ، وَذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ ﷺ، وَتَكَلُّمِ الْأُمَّةِ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْعَامِّ، لَكَانَ قَدْ أَخَّرَ بَيَانَ كَلَامِهِ إلَى أَنْ تَكَلَّمَ جَمِيعُ الْأُمَّةِ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِهِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ. الثَّالِثُ: أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ إنَّمَا خُوطِبَتْ الْأُمَّةُ بِهِ لِتَعْرِفَ الْحَرَامَ فَتَجْتَنِبَهُ، وَيَسْتَنِدُونَ فِي إجْمَاعِهِمْ إلَيْهِ؛ وَيَحْتَجُّونَ فِي نِزَاعِهِمْ بِهِ. فَلَوْ كَانَتْ الصُّورَةُ الْمُرَادَةُ هِيَ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ فَقَطْ، لَكَانَ الْعِلْمُ بِالْمُرَادِ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجْمَاعِ، فَلَا يَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ، فَلَا يَكُونُ مُسْتَنَدًا لِلْإِجْمَاعِ، لِأَنَّ مُسْتَنَدَ الْإِجْمَاعِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ، فَيَمْتَنِعُ تَأَخُّرُهُ عَنْهُ، فَإِنَّهُ يُفْضِي إلَى الدّورِ الْبَاطِلِ، فَإِنَّ أَهْلَ الْإِجْمَاعِ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُهُمْ الِاسْتِدْلَالُ بِالْحَدِيثِ عَلَى أيِّ صُورَةٍ حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّهَا مُرَادَةٌ، وَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّهَا مُرَادَةٌ حَتَّى يَجْتَمِعُوا، فَصَارَ الِاسْتِدْلَالُ مَوْقُوفًا عَلَى الْإِجْمَاعِ قَبْلَهُ، وَالْإِجْمَاعُ مَوْقُوفًا عَلَى الِاسْتِدْلَالِ قَبْلَهُ، إذَا كَانَ الْحَدِيثُ هُوَ مُسْتَنَدُهُمْ، فَيَكُونُ الشَّيْءُ مَوْقُوفًا عَلَى نَفْسِهِ، فَيَمْتَنِعُ وُجُودُهُ، وَلَا يَكُونُ حُجَّةً فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ لِأَنَّهُ لَمْ يُرَدْ، وَهَذَا تَعْطِيلٌ لِلْحَدِيثِ عَنْ الدَّلَالَةِ عَلَى الْحُكْمِ فِي مَحَلِّ الْوِفَاقِ وَالْخِلَافِ. وَذَلِكَ مُسْتَلْزِمٌ أَنْ لَا يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ النُّصُوصِ الَّتِي

1 / 64