رفع الملام عن الأئمة الأعلام - ط العصرية

ابن تيمية ت. 728 هجري
56

رفع الملام عن الأئمة الأعلام - ط العصرية

تصانيف

طَائِفَةً مِنْ الْعُلَمَاءِ يُجَوِّزُونَ لِلرَّجُلِ أَنْ يَمْنَعَ فَضْلَ مَائِهِ. فَلَا يَمْنَعُنَا هَذَا الْخِلَافُ أَنْ نَعْتَقِدَ تَحْرِيمَ هَذَا مُحْتَجِّينَ بِالْحَدِيثِ وَلَا يَمْنَعُنَا مَجِيءُ الْحَدِيثِ أَنْ نَعْتَقِدَ أَنَّ الْمُتَأَوِّلَ مَعْذُورٌ فِي ذَلِكَ، لَا يَلْحَقُهُ هَذَا الْوَعِيدُ. وَقَالَ ﷺ: ﴿لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ﴾ (١) . وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ قَدْ رُوِيَ عَنْ رسول الله ﷺ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ ﵃ مَعَ أَنَّ طَائِفَةً مِنْ الْعُلَمَاءِ صَحَّحُوا نِكَاحَ الْمُحَلِّلِ مُطْلَقًا. وَمِنْهُمْ مَنْ صَحَّحَهُ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْعَقْدِ، وَلَهُمْ فِي ذَلِكَ أَعْذَارٌ مَعْرُوفَةٌ. فَإِنَّ قِيَاسَ الْأُصُولِ عِنْدَ الْأَوَّلِ: أَنَّ النِّكَاحَ لَا يَبْطُلُ بِالشُّرُوطِ؛ كَمَا لَا يَبْطُلُ بِجَهَالَةِ أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ. وَقِيَاسُ الْأُصُولِ عِنْدَ الثَّانِي: أَنَّ الْعُقُودَ الْمُجَرَّدَةَ عَنْ شَرْطٍ مُقْتَرِنٍ لَا تُغَيِّرُ أَحْكَامَ الْعُقُودِ. وَلَمْ يَبْلُغْ هَذَا الْحَدِيثُ مَنْ قَالَ هَذَا الْقَوْلَ. هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ؛ فَإِنَّ كُتُبَهُمْ الْمُتَقَدِّمَةَ لَمْ تَتَضَمَّنْهُ. وَلَوْ بَلَغَهُمْ لَذَكَرُوهُ آخِذِينَ بِهِ، أَوْ مُجِيبِينَ عَنْهُ؛ أَوْ بَلَغَهُمْ وَتَأَوَّلُوهُ؛ أَوْ اعْتَقَدُوا نَسْخَهُ؛ أَوْ كَانَ عِنْدَهُمْ مَا يُعَارِضُهُ.

(١) رواه الإمام أحمد والنسائي والترمذي -وصححه- من حديث عبد الله بن مسعود ﵁. ورواه ابن ماجة من حديث عقبة بن عامر ﵁.

1 / 58