رسالة في رد الاعتراضات على كتاب الفصول
تصانيف
[commentary]
وأقول: والأبدان المعتادة بلطيف الغذاء إذا دعتها الحاجة إلى التدبير البالغ في اللطافة فالميل فيها إلى ما هو أغلظ منه أقل خطرا واستعماله فيها أولى للعلة التي ذكرها الرازي في شكه وهو قوله لأن أمثال هؤلاء ضعاف القوة والتدبير البالغ في اللطافة مما يزيد قواهم PageVW0P007A ضعفا فالذي هو أغلظ قليلا في حفظ قواهم أحوط كما ذكره أبقراط، ثم ولو؟ وافقناه على ورود شكه لما ورد على كلام أبقراط لأمرين أحدهما أن القانون الكلي إذا أعطى في التعليم فإنما يعطي مقطوع النظر عن جزئياته؟ وخلوه عن الموانع والمقتضيات التي هي على خلاف الأصل في إطلاقه ويحدث لأسباب أخرى تقتضي العلاجات بقوانين كلية أخرى، ولا يجب اعتبارها معه الثاني أن أبقراط لم يهمل فيما قاله مثل هذا، وذلك أنه قال «ولذلك صار التدبير البالغ في اللطافة في أكثر الحالات أعظم خطرا من التدبير الذي هو أغلظ قليلا»، قوله «في أكثر الحالات» احتراز عن مثل هذا أعني وجود الموانع في بدن دون بدن من أمور القوى والحالات الجزئية والعادات فلم يبق لورود الشك عليه وجه.
6
[aphorism]
قال أبقراط: أجود التدبير في * الأمراض (22) التي في الغاية القصوى التدبير الذي في الغاية القصوى من اللطافة.
[commentary]
الشك: هذا الفصل كالمناقض لقوله في الفصل الذي يقول فيه «والتدبير الذي يبلغ فيه الغاية القصوى من اللطافة في جميع الأمراض الحادة إذا لم تحتمله قوة المريض عسر مذموم»، لو لا قوله «إذا لم تحتمله قوة المريض» فبقي الاحتمال لهذا التدبير لكون المرض في الغاية القصوى فخرج من عسر التدبير المذكور في ذلك الفصل إلى جودة التدبير المذكور في هذا الفصل إلا أنه لم يشترط في هذا الفصل جودة هذا التدبير في المرض الذي في الغاية القصوى في هذا الفصل PageVW0P007B احتمال المريض كما اشترط عدم احتماله في ذمه في ذلك الفصل وهو واجب فإن القوة إذا كانت في المرض في الغاية القصوى واهيه إن كان البدن نحيفا أو تقدم له استفراغ فالتدبير الذي في الغاية القصوى فيه مذموم ولا تبقى القوة معه إن لم يكن ذلك فهذا التدبير له أجود فاشتراط الاحتمال لهذا التدبير في هذه الأمراض في هذا الفصل واجب.
[commentary]
الجواب: واجب تدبير هذه الأمراض بالنظر المطلق إليها غير مخصص بشيء مما ذكرناه لأنها أمراض في الغاية القصوى في قصر المدة فتدبيرها يجب أن يكون أيضا في الغاية القصوى من اللطف، ولذلك قال «أجود التدبير» يعني مع عدم المعارض. وأما بالنظر إلى تخصيصها بأحوال من الأعراض كالأعراض المذكورة في الشك فتفتقر من التدبير إلى ما له غلظ، وكلام أبقراط فيه إشعار بذلك في قوله أجود التدبير يريد فيه أن في تدبير هذه الأمراض ما هو أجود في الغاية وجيد وحيث قال إن التدبير الذي في الغاية الفصوى لهذه الأمراض أجود لا يمنع أن يكون غيره جيدا أيضا فيكون قوله أجود بالنظر إلى هذه الأمراض غير مقيد بشيء واحتماله الجيد وهو الذي هو دونه بالنظر إليها مقيده. وبرهان فضيلة ذلك التدبير في هذه الأمراض أن هذه الأمراض قصيرة جدا فلذلك القوة معها أثبت إلى منتهاها وهذا التدبير أخف التدابير على القوة فلا يشغلها وينقلها عن المقاودة مع أنه يحفظ القوة حفظا مت فلذلك PageVW0P008A كان أجود في تدبير هذه الأمراض. وأما ما قاله غلظ فدونه في ذلك بإشغاله القوة عن المقاودة بقدر غلظه، وبذلك ينقص عن الأجود الذي لو لا هذه العوارض كان التدبير به أصوب فلذلك قال أبقراط أجود التدبير ليعني كلامه أن في تدبير هذه الأمراض أيضا جيد ولو قال الجيد في تدبير هذه الأمراض لما احتمل الأجود، وأيضا فإن قوله في الأصل الذي ذم فيه هذا التدبير بشرط عدم الاحتمال معهم منه أن جودته مع الاحتمال فلا حاجة إلى اشتراطه معه فثبت أن كلامه غير مخل بما أردناه.
7
صفحة غير معروفة