214

الرد على السبكي في مسألة تعليق الطلاق

محقق

عبد الله بن محمد المزروع

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م (الأرلى لدار ابن حزم)

تصانيف

وكل هؤلاء نقلوا النزاع في (^١) العتق وأثبتوه وصححوه، وهو عندهم وعند كُلِّ [٤٠/ أ] عالم أثبتُ وأَصَحُّ (^٢) من نفي النزاع في الطلاق.
فكيف يسوغ لمن يدري ما يقول أن يحتج بنقل هؤلاء للإجماع في الطلاق ولا يُمَكِّنَ غيره أَنْ يحتج بنقلهم للنزاع في العتق؟! مع أَنَّ العلم بالنزاع أيسر من العلم بالإجماع؛ فإن النزاع يُعرف بقول بعض أهل العلم، وأما الإجماع فلا يعرف حتى يعرف أقوال أهل الإجماع وأنه لم ينازعهم أحد من العلماء، وهذا العلم باتفاق العقلاء إما متعذر وإما متعسر (^٣).
لا يقول عاقلٌ أَنَّ علم العلماء الناقلين لأقوال أهل الإجماع والنزاع بعدم النزاع أقوى ولا أيسر من علمهم بالنزاع؛ فإنَّ ذلك غاية أحدهم فيه عدم العلم بالنزاع، وكذلك صَرَّح أبو ثور (^٤) ــ إمام هؤلاء الذين نقلوا الإجماع على عدم التكفير في اليمين بالطلاق ــ، صَرَّحَ بأنَّ ما أذكره من الإجماع مرادي به عدم علمي بالنزاع، وعلى ذلك يجب أَنْ يُحْمَل كلام مثله وأمثاله من أهل العلم والعدل الذين يتقون الله ويقولون قولًا سديدًا.
ومع هذا؛ فلمَّا كان يُحكى عنه وعن غيره أنه يَدَّعِي الإجماع في مثل هذه الأمور، أنكر الإمام أحمد على من يَدَّعِي هذا، وكان إنكار أحمد هذه الدعوى تتضمن الإنكار على أبي ثور خصوصًا لا سيما في مثل هذه المسألة، فإنَّ أبا ثور

(^١) في الأصل: (وفي).
(^٢) في الأصل: (واحتج)، ولعل الصواب ما أثبتُّ.
(^٣) انظر ما سيأتي (ص ٦١١، ٦٩٢ - ٦٩٣).
(^٤) كتب الناسخ في الهامش: (حاشية: الثور: السيد).
وانظر: مجمل اللغة (١/ ١٦٥)، لسان العرب (٤/ ١٠٨).

1 / 136