أما بلغك قول الله سبحانه لنبيئه :{وقل رب زدني علما} [طه: 114] ؟! وهل تكون الزيادة إلا من نقصان، فما لم يكن لرسول الله صلى الله عليه، فلا يكون لأحد من خلق الله، وكل عالم بعد جهل يعلم، ولابد أن يقع اسم الجهل على كل خلقه، كيلا يشبه أحد من خلقه به ؛ لأن الله لم يجهل ولم يتعلم. ولم يزل عالما، وكل خلقه بعد جهل تعلموا، والله سبحانه لم يجهل ولم يتعلم. ولو كان على ما قالت الروافض بأن الأئمة علماء غير متعلمين، ولا يجوز الجهل في وقت من الأوقات على أحد من الأئمة، فسبحان الله أفليس قد شبهتموه برب العالمين، إذ لم يجهل صاحبكم ولم يتعلم، أو ليس قد شبهتموه بالله بقولكم، إذ زعمتم أنه يعلم الغيب، ويعلم أعمال العباد (ومواضعهم، وكل رجل باسمه ونسبه، ويعلم ما تلفظونه، ويعلم ما في قلوب العباد)، فسبحان الله عما يقولون ! وهل هذه إلا صفة رب العالمين ؟!
وتأولوا قول الله سبحانه في كتابه لقوله :{وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} [التوبة:125] فيزعمون أن الله ورسوله والأئمة يرون أعمال العباد، فسبحان الله ! كيف يرى ما غاب عنه، وإنما قال الله سبحانه :{اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} إنما عنى تبارك وتعالى أي: فسيرى المؤمنون والأنبياء في الآخرة أعمالكم إذا ظهر الغيب، وانكشف الستر، وكان فريق في الجنة، وفريق في السعير، واستبان للخلق المطيع من العاصي، والكافر من المؤمن، والصالح من الطالح، فكم من مستور عليه يجر إلى عذاب أليم، وكان عند الناس على خلاف ذلك في دار الدنيا.
صفحة ٣٩٩