وقد قال الله تبارك وتعالى :{وكان بالمؤمنين رحيما} [الأحزاب: 43]. فكان صلى الله عليه وآله وسلم يعطي ضعفاء أمته حتى يستأثرهم على نفسه وعياله، وقد قال الله تبارك وتعالى في أهل بيته صلى الله عليه وعليهم وسلم :{ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا} [الإنسان: 8] . فلم يبخلوا بطعامهم على الأسير، وهو كافر، واستأثروا على أنفسهم. فكيف كان ينبغي لصاحبكم أن يستأثر بالمال على المستضعفين الفقراء من أصحابه ؟ وقد قال الله سبحانه في أهل بيت نبيئه صلى الله عليه وعليهم :{ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون} [الحشر:9، التغابن: 16]. وقد قال في المؤمنين :{محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم} [الفتح: 29]، فقد وصف المؤمنين بالرحمة بعضهم لبعض، فكيف يسع حجة الله، إذ كان حجة على ما وصفتم أن يستغل الألوف، ويأخذ خمس أموالكم، ويوكل في كل بلاد لقبض الأموال، ولا يفرج على أحد من خلق الله، ولا يقسمها في الفقراء والمساكين ؟! فلم ير منه صفة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذ قال الله سبحانه :{وكان بالمؤمنين رحيما} [الأحزاب: 43]. {بالمؤمنين رؤوف رحيم} [التوبة: 128]. ولم ير منه صفة المؤمنين من أصحاب النبي عليه السلام إذ قال الله فيهم :{رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا} [الفتح: 29]. {وينصرون الله ورسوله} [الحشر: 2].
فلا يرى فيه أن يفرج على أحد من فقراء المؤمنين إن ظلم أو قتل، ولم ير فيه النصب حربا لأعداء الله، ولا يسير فيما يسخط الأعداء، ولم ير قط إلا طلب أخذ الأموال من غير أن يقسمها في المستضعفين! فكيف يسعنا أن نقول فيه : هو حجة، وليس يرى فيه صفة الحجج ؟!
صفحة ٤١٥