ولما جاز أن يقول محمد صلى الله عليه : ( وأنا أول المسلمين ) فيما قد سبقه غيره ممن معه (1) إليه ، وإبراهيم صلى الله عليه يطلب يومئذ المؤمنين ، ويلتمس حينئذ بالله جاهدا اليقين ، بحيلة كل محتال بفكره ، ويخاف الضلال عن الله مع (2) نظره ، ويقول : ( لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين )، ويقول للكواكب : ( هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين )، ومعه وصي أيامه ودهره ، لا يخطر على باله ولا نظره ، فلا يقع على شيء مما يجيل (3) بفكره.
والرافضة اليوم تزعم أنها قد تعلم أنه قد كان معه ، وصي يلزمه أن يعرفه بعينه ، ويعلمه ما يلزمها (4) اليوم من معرفة الوصي ، وما تدعي فيه من باطل الدعاوي ، فهي عند أنفسها تعلم من الأوصياء في دين الله ، ما لم يكن يعلمه منهم خليل الله ، وتهدى من الرشد فيه ، ما لم يهد الله خليله إليه. إلا أن تزعم أنه لم يكن مع إبراهيم وفي (5) أمته وصي يهديها ، فيكون في ذلك بطلان ما في أيديها ، وما يلزمها من هذا في إبراهيم ومحمد صلى الله عليهما ، فقد يلزمها في كثير من رسل الله معهما ، صلى الله على رسله وأنبيائه ، وزادهم الله فيما خصهم من كرامته واصطفائه.
وإمامهم اليوم فيما يزعمون ، وكما في إفكهم يقولون يدري ما كان رسول الله داريا ، ويدعو إلى ما كان إليه داعيا ، ودعوته (6) صلى الله عليه وآله كانت إلى الخير والهدى ، وتبيين ما كان يبين عليه السلام من الغي والردى ، وإنذار من أدبر عن الله يومئذ وأعرض ، وإعلام العباد بما حكم الله يومئذ وفرض.
صفحة ٥٢٩