الرد على المنطقيين

ابن تيمية ت. 728 هجري
97

الرد على المنطقيين

الناشر

دار المعرفة

رقم الإصدار

الأولى

مكان النشر

بيروت

تصانيف

المنطق
بناء على هذا الفرق: "هذا لم يتواتر عندي فلا يقوم به الحجة على" فيقال له "اسمع كما سمع غيرك وحينئذ يحصل لك العلم". وإنما هذا كقول من يقول رؤية الهلال أو غيره لا تحصل إلا بالحس وأنا لم أره فيقال له أنظر إليه كما نظر غيرك فتراه إذا كنت لم تصدق المخبرين. وكمن يقول: "العلم بالنبوة لا يحصل إلا بعد النظر وأنا لا أنظر أو لا أعلم وجوب النظر حتى أنظر". ومن جواب هؤلاء أن حجة الله برسله قامت بالتمكن من العلم فليس من شرط حجة الله تعالى علم المدعوين بها. ولهذا لم يكن إعراض الكفار عن استماع القرآن وتدبره مانعا من قيام حجة الله تعالى عليهم وكذلك إعراضهم عن استماع المنقول عن الأنبياء وقراءة الآثار المأثورة عنهم لا يمنع الحجة إذ المكنة حاصلة. فلذلك قال تعالى: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّى مُسْتَكْبِرًا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ . وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا﴾ . وقال تعالى: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ . وقال تعالى: ﴿فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا قَالَ كَذَلِكَ

1 / 99