وجميع ما في القرآن من نفي الشفاعة فهو في حق الكفار انتهى. أما نسبته إلينا أنا نقول إن النبي ﷺ لا يشفع فلا يحتاج إلى جواب لأنه يعلم هو وأصحابه أننا لا ننفي شفاعته ﷺ بإذن الله، بل هو صاحب الشفاعة العظمى وله ﷺ شفاعات غيرها والأنبياء يشفعون والملائكة يشفعون والمؤمنون يشفعون لكن لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه وسيد الشفعاء صلوات الله وسلامه عليه.
لا يبدأ بالشفاعة بل يسجد لربه ويحمده بمحامد يفتحها عليه حتى يقال: "يا محمد ارفع رأسك وسل تعط واشفع تشفع" ١ قال تعالى: ﴿مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ﴾ [يونس: ٣] ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥] وهذا من عظمته سبحانه وجلاله وكبريائه ألا يتجاسر أحد أن يشفع عنده حتى يؤذن له فالقرآن صرح بنفي الشفاعة في الكفار مطلقًا ونفاها عن غيرهم بغير إذنه ونحن إنما ننفي الشفاعة الشركية التي نفاها القرآن وهو أن أحدًا يشفع عنده بغير إذنه. وأما قول هذا الضال أن قوله سبحانه: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ﴾ في الكفار خاصة يعني فلعصاة المسلمين ولي من دونه وشفيع والولي هو الناصر والشفيع ذو الجاه وهذا القول كفر ظاهر حيث جعل قوله سبحانه: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا شَفِيعٍ﴾ بالكفار أي فلغيرهم على زعمه ولي من دونه وشفيع فأي كفر أعظم وأَبين منه وهذا من تحريف الكلم من مواضعه
_________
"١" صحيح: صحيح البخاري "٣٣٤٠، ٤٧١٢، ٧٥١٠"، وصحيح مسلم من "١٩٤" من حديث أبي هريرة ﵁، زكذا من حديث أنس ﵁ في صحيح مسلم "١٩٣".
1 / 27