الفروض لا يتأدَّى بنيَّة فرض آخر، كما نصَّ عليه في "التبيين" (١)، فكيف يمكن أن تتأدَّى صلوات كثيرة غير معيَّنة بصلاةٍ واحدة.
وخامسها: أنَّه ذكر في "الظهيريَّة" (٢) و"البحر الرائق" وغيرهما أنه لو كانت الفوائت كثيرة، فاشتغلَ بالقضاء يحتاج إلى تعيين الظهر والعصر، وينوي أيضًا ظهرَ يوم كذا، فإنْ أراد تسهيلَ الأمر ينوي أوَّل ظهر عليه، أو آخر ظهرٍ عليه" (٣). انتهى.
فكيف يمكن أن تَبرأَ الذمَّةُ بالواحدةِ أو الخمسةِ عن الكثيرةِ غيرِ المتعيِّنة.
وسادسها: أنَّه وَرَد في الحديث الصحيح: "إنما الأعمَال بالنيات، وإنَّما لكل امرئٍ ما نوَى". أخرجه البخاري في بَدء صحيحه وفي كتاب الإِيمان والعتق والهجرة والنكاح والأَيْمان والنذور وترك الحِيَل، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد، والدارقطني، وابن حِبَّان، والبيهقي وغيرهم (٤). ولم يخرِّجْه مالكٌ في "موطأه"، كذا ذكره
_________
(١) تبيين الحقائق، للزيلعي ١: ٩٩.
(٢) الفتاوى الظهيريَّة، لظهير الدين محمَّد بن أحمد البخاري، المتوفى سنة ٦١٩.
كما في "الكشف" ٢: ١٢٢٦، "والفوائد البهية" ص ١٥٦، ١٥٧.
(٣) البحر الرائق شرح كنز الدقائق، لابن نُجيم ٢: ٩٧.
(٤) رواه البخاري في بدء صحيحه، في كتاب بَدْء الوحي (١)، وفي الإِيمان (٥٤)، والعتق (٢٣٩٢)، والهجرة (٣٦٨٥)، والنكاح (٤٧٨٣)، والنذر (٦٣١١)، وترك الحِيَل (٦٥٥٣). ومسلم في كتاب الإِمارة (١٩٠٧)، وأبو داود في الطلاق (٢١٩٤)، والترمذي في فضائل الجهاد (١٦٤٧)، والنسائي في الطهارة (٧٥)، وابن ماجه في الزهد (٤٤٢٧)، وأحمد في المسند (١: ٢٥، ٤٣)، والدارقطني =
1 / 24