والملاحظ أيضًا أنَّ الإمام السيوطي جارٍ في بيان معاني المفرادات، أو التراكيب مجرى من سبقه من علماء اللغة، أو علماء التأويل، يذكر تارةً اسم من نقل عنه، ويُغفل ذكره أخرى كما هو مبين في حواشي التحقيق، وأكثر من يعتمد كلامه ويعتبره في هذا الباب: أبو عبيد القاسم بن سلام، والهروي، والخطابي، وابن الأثير، وابن العربي، والقاضي عياض، وغيرهم، إلاَّ أنَّه يكتفي في الجملة بتحرير ابن الأثير في كتابه النهاية، وأكرم بها من نهاية، فقد استقرأ مؤلفها أقوال من تقدمه، ونخلها، حتى أراح من جاء بعده مِنْ وُكْدِ الجمع والتحرير.
كما أنه في شرحه يأتي بمحل الشاهد لا يزيد عليه، تفاديًا للتطويل، وانشغالًا ببيانه، بحسب ما تلوح النكتة من شتى نوافذ المعرفة:
كحديث ابن عمر رقم: (١١) قال: " أرقِيتُ " ذكر السيوطي هذا اللفظ فحسب، ثم تلاه بقوله: " بكسر القاف " لم يزد على ضبط حركته؛ لأنَّ مدلول اللَّفظ ظاهر لا يحتاج إلى شرح.
وكحديث كبشة برقم (٩٢): عنها عن أبي قتادة أنَّ النَّبيَّ ﷺ قال: "إنَّها ليست بنجس"، وذكر الشارح من الحديث: " ليست بنجس " وقال: بفتح الجيم.
وكحديث عائشة برقم (١٥٣) في قولها: " فيمرُّ النساء متلففات " قال الشارح: " بفاءين ".
وكحديث علي بن أبي طالب برقم (١٧١) عن النَّبي ﷺ أنه قال: ْ "الصلاة إذا أتَتْ" قال شارحه. "قال ابن العربي وابن سيد النَّاس: كذا رُويناه بتاءين، كل واحدة منها معجمة باثنتين من فوقها، ورُوي "آنت" بنون ومد".
وكحديث جابر برقم: (١٨٠) في قوله: " بُطحان " قال الشارح:
المقدمة / 56