أما من السنة : فقد احتجوا على مخالفيهم بما روي عن النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال : ) ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي ( ، وهذا كلام صريح - نصا ولفظا - في أن القرآن مخلوق ، وحجية هذا الحديث وأهميته تتمثل في ورود لفظ ( الخلق ) صراحة ، وفي كونه مرويا عن طريق رجال أهل الحديث وثقاتهم ، وعندما احتج به عليهم في حينه لم ينكروه ولم يطعنوا في صحته ولا قدحوا في رواته ، وإنما أولوه وصرفوا معناه عن ظاهره وحقيقته كما فعلوا بالنسبة لتلك الآيات القرآنية الصريحة - كما رأينا - بل ساءهم أن يظهر هذا الحديث زمن المحنة وما بعدها وأن يحدث به أحد رجالاتهم خوفا من أن ينتشر بين العامة فيضعف موقفهم ويبطل رأيهم .
وإليك ما نقله لنا الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء 10/578 : (قال أبو الحسن عبدالملك الميموني : قال رجل لأبي عبدالله -أحمد بن حنبل-: ذهبت الى خلف البزار أعظه، بلغني أنه حدث بحديث عن الأحوص عن عبدالله بن مسعود ، قال : ما خلق الله شيئا أعظم من آية الكرسي .. وذكر الحديث ، فقال أبو عبدالله -أحمد بن حنبل -: ما كان ينبغي أن يحدث بهذا في هذه الأيام - يريد زمن المحنة !! ، والمتن .. والكلام لا زال للذهبي -: ( ما خلق الله من سماء ولا أرض أعظم من آية الكرسي )، وقد قال أحمد بن حنبل لما أوردوا عليه هذا يوم المحنة : إن الخلق واقع هاهنا على السماء والأرض وهذه الأشياء لا على القرآن)!! (70)
.....
صفحة ٦٨