بل أن تكفل الله بحفظ القرآن الذي هو كلامه يعتبر في حد ذاته دليلا على أنه مخلوق ، إذ لو كان قديما كما يزعمون لما احتاج إلى حافظ يحفظه ، بل لو كان سائر كلام الله على اختلاف كتبه المنزلة قديما كما يزعمون لما تعرضت تلك الكتب - التي هي كلامه بالطبع - للتحريف والطمس كما هو ثابت ومعلوم ، ما يؤكد بأنها مخلوقه ويؤكد بالتالي أن القرآن مخلوق ، غير أن الله سبحانه وتعالى لم يتكفل بحفظها كما هو الحال بالنسبة للقرآن الكريم فكان ما كان من أمرها .
2- أما الاعتراض أو الشبهة الثانية فهي تقوم على انتقاء الآيات القرآنية التي ورد فيها لفظ الجلالة " الله " وغيره من أسماء الله ، وتقديمها على أساس أن القول بخلق القرآن يلزم منه أن الله مخلوق والرحمن مخلوق .... و.... !!
ومن ذلك ما نقله صاحب كتاب معارج القبول " السلفي " عن يحي بن سعيد القطان محتجا بكلامه : ( وقال يحي بن سعيد : كيف يصنعون بقل هو الله أحد ، كيف يصنعون بهذه الآية " إني أنا الله " يكون مخلوقا ؟....!! " (4) ، تأمل استنكاره بقوله : يكون مخلوقا ؟! معيدا الضمير إلى الله - نستغفره ونتوب إليه - مع أن الآية هي المخلوقة وهو مراد القائلين بخلق القرآن ، وكان يفترض به أن يقول : تكون مخلوقه ؟!
ومن ذلك أيضا ما نقله صاحب الكتاب عن عبد الله بن إدريس حيث قال : ( وقرأ ابن إدريس "بسم الله الرحمن الرحيم " فقال : الله مخلوق ؟ والرحمن مخلوق ؟ والرحيم مخلوق ؟ هؤلاء زنادقة ) !!! ( 5 ) .
والحقيقة أن هذا الكلام هو أكثر هبوطا من تفكير العوام ، وفيه جهل فاضح وتضليل واضح للناس ، ومحاولة لجعل القول بخلق القرآن - في نظر العامة - قولا يؤدي إلى الإلحاد بمثل ذلك الكلام التضليلي الهابط والذي لازال للأسف الشديد يتردد إلى يومنا هذا !! ويحتج به !!
صفحة ٥٧