] معارضات الحنابلة وشبهاتهم ضد القول بخلق القرآن [
1- أولها تعود جذوره إلى الإلتباس القديم في المفهوم الذي أحدثه لفظ " مخلوق " في أذهان العامة عند ظهور هذه المسألة آنذاك ، والمتمثل في تصور القرآن شخصا حيا أو أي حي آخر يموت ويفنى ، وهو ما أورده الحنابلة على شكل استدلال مفاده أن كل مخلوق لازمه الموت والفناء ، وأن القول بأن القرآن مخلوق يلزم منه أن يجري عليه ما يجري على سائر المخلوقات من الموت والفناء .
ونحن في الحقيقة لا نفهم من الموت والفناء إلا جريان الأول على الأحياء من إنسان وحيوان ونبات ، والثاني على المادة بشكل عام ) كل من عليها فان (
أما بالنسبة للقرآن الكريم فهو عبارة عن كلمات وألفاظ وسور وآيات مكتوبة في الصحف ومحفوظة في الصدور ومسجلة في الأشرطة ، وليس هناك من معنى للموت والفناء في حقه - حسب الفرض السابق - إلا أنه عرضة للتغيير والتبديل والطمس والتحريف " جزءا أو كلا " أو ضياع أصوله ونسخه وارتفاعه من الصدور .... الخ .
وكل ذلك محال وباطل لأن الله سبحانه كما هو معلوم للجميع قد تكفل بحفظه وبنصه وحرفه كما نزل على نبينا محمد عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم السلام ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، كما أخبرنا بذلك قوله تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) ، وبالتالي فإن ما يجري على سائر المخلوقين والمخلوقات لا يجري عليه ، وممتنع بالنسبة له وتكفل الله بحفظه ، ولو تكفل الله بحفظ أي مخلوق وتخليده إلى آخر الدهر وإبقائه على حاله دون أي تغيير أو تبدل أو موت ، لكان ذلك ولا ريب دون أن يخرجه ذلك من كونه مخلوقا .........
صفحة ٥٦