وكان الحسن في ذلك العصر أفضل أهل دهره. فلو كان محادثة النساء والنظر إليهن حراما وعارا لم يفعله ولم يأذن فيه المنذر بن الزبير، ولم يشر به عبد الله بن الزبير.
وهذا الحديث وما قبله يبطلان ما روت الحشوية من أن النظر الأول حرام والثاني حرام؛ لأنه لا تكون محادثة إلا ومعها ما لا يحصى عدده من النظر. إلا أن يكون عني بالنظرة المحرمة النظر إلى الشعر والمجاسد، وما تخفيه الجلابيب مما يحل للزوج والولي ويحرم على غيرهما.
ودعا مصعب بن الزبير الشعبي، وهو في قبة له مجللة بوشى، معه فيها امرأته، فقال: يا شعبي، من معي في هذه القبة؟ فقال: لا أعلم أصلح الله الأمير! فرفع السجف، فإذا هو بعائشة ابنة طلحة.
والشعبي فقيه أهل العراق وعالمهم، ولم يكن يستحل أن ينظر إن كان النظر حراما.
ورأى معاوية كاتبا له يكلم جارية لامرأته فاختة بنت قرظة، في بعض طرق داره، ثم خطب ذلك الكاتب تلك الجارية فزوجها منه، فدخل معاوية إلى فاختة وهي متحشدة في تعبئة عطر لعرس جاريتها، فقال: هوني عليك يا ابنة قرظة، فإني أحسب الابتناء قد كان منذ حين!.
صفحة ١٥٤