القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد

الشوكاني ت. 1250 هجري
18

القول المفيد في أدلة الاجتهاد والتقليد

محقق

عبد الرحمن عبد الخالق

الناشر

دار القلم

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٣٩٦

مكان النشر

الكويت

سادسا وَمن جملَة مَا استدلوا بِهِ قَوْله تَعَالَى ﴿أطِيعُوا الله وَأَطيعُوا الرَّسُول وأولي الْأَمر مِنْكُم﴾ وَقَالُوا وَأولُوا الْأَمر هم الْعلمَاء وطاعتهم تقليدهم فِيمَا يفتون بِهِ وَالْجَوَاب أَن لِلْمُفَسِّرِينَ فِي تَفْسِير أولي الْأَمر قَوْلَيْنِ أَحدهمَا أَنهم الْأُمَرَاء وَالثَّانِي أَنهم الْعلمَاء وَلَا تمْتَنع إِرَادَة الطَّائِفَتَيْنِ من الْآيَة الْكَرِيمَة وَلَكِن أَيْن هَذَا من الدّلَالَة على مُرَاد المقلدين فَإِنَّهُ لَا طَاعَة للْعُلَمَاء وَلَا لِلْأُمَرَاءِ إِلَّا إِذا أمروا بِطَاعَة الله على وفْق شَرِيعَته وَإِلَّا فقد ثَبت عَنهُ ﷺ أَنه قَالَ لَا طَاعَة لمخلوق فِي مَعْصِيّة الْخَالِق وَأَيْضًا الْعلمَاء إِنَّمَا أرشدوا غَيرهم إِلَى ترك تقليدهم ونهوا عَن ذَلِك كَمَا سَيَأْتِي بَيَان طرف مِنْهُ عَن الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة وَغَيرهم فطاعتهم ترك تقليدهم وَلَو فَرضنَا أَن فِي الْعلمَاء من يرشد النَّاس إِلَى التَّقْلِيد ويرغبهم فِيهِ لَكَانَ مرشدا إِلَى مَعْصِيّة الله وَلَا طَاعَة لَهُ بِنَصّ حَدِيث رَسُول الله ﷺ وَإِنَّمَا قُلْنَا أَنه مرشد إِلَى مَعْصِيّة الله لِأَن من أرشد هَؤُلَاءِ الْعَامَّة الَّذين لَا يعْقلُونَ الْحجَج وَلَا يعْرفُونَ الصَّوَاب من الْخَطَأ إِلَى التَّمَسُّك بالتقليد كَانَ هَذَا الْإِرْشَاد مِنْهُ مستلزما لإرشادهم إِلَى ترك الْعَمَل بِالْكتاب إِلَّا بِوَاسِطَة آراء الْعلمَاء الَّذين يقلدونهم فَمَا عمِلُوا بِهِ عمِلُوا بِهِ وَمَا لم يعملوا بِهِ لم يعملوا بِهِ وَلَا يلتفتون إِلَى كتاب وَلَا سنة بل من شَرط التَّقْلِيد الَّذِي أصيبوا بِهِ أَن يقبل من إِمَامه رَأْيه وَلَا يعتزل عَن رِوَايَته وَلَا يسْأَله عَن

1 / 34