وبما روي أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قال للسائل:» توضأ كما أمرك الله «(1)، وبقوله على الصفا:» نبدأ بما بدأ الله به «(2)، ...
--------------------
الواو كما هو مذهب أصحابنا مالم يقصد المتطهر خلاف السنة، فكون الواو ههنا للترتيب لا يحسن كونه مقابلا لكونها لمطلق الجمع فإن دلالتها على الترتيب ههنا لا ينافي كونها في حد ذاتها لمطلق الجمع؛ نعم ذهب الفراء وهشام وثعلب من الكوفيين (3) وقطرب من البصريين (4) إلى أنها للترتيب، فلو قال: وأن الواو للنسق لا للجمع، وترك التقييد بقوله: هنا لحمل على مذهبهم، والله أعلم فليحرر.
قوله وبما روي ... الخ: كأنه عطف على التوهم، وأن تقديرالكلام: مستدلين بأن الواو هنا ... الخ وبما روي ... الخ.
__________
(1) - أخرجه الترمذي: كتاب الصلاة، رقم: 278؛ وأبو داود: كتاب الصلاة، رقم: 730؛ وبنحوه النسائي: كتاب التطبيق، رقم: 1124؛ وابن ماجة: كتاب الطهارة وسننها، رقم: 453؛ والدارمي: كتاب الصلاة، رقم: 1295.
(2) - أخرجه الربيع بن حبيب: باب في الكعبة والمسجد والصفا والمروة، رقم: 415 (1/ 110)؛ والترمذي: كتاب الحج، رقم: 790؛ والنسائي: كتاب مناسك الحج، رقم: 2912؛ وأبو داود: كتاب المناسك، رقم: 1628؛ وابن ماجة: كتاب المناسك، رقم: 3065؛ وأحمد: باقي مسند المكثرين، رقم: 13918؛ ومالك: كتاب الحج، رقم: 730.
(3) - ثعلب تقدم التعريف به في: 1/ 151. أما هشام فهو: أبو عبد الله بن معاوية الكوفي من أهل النحو واللغة، من أصحاب الكسائي، من تصانيفه في اللغة: مختصر النحو، الحدود، القياس، توفي سنة: 209ه (السيوطي، بغية الوعاة، 409). أما الفراء فهو يحي بن زياد بن عبد الله بن مروان الديلمي أبو زكرياء، عرف بالفراء لأنه كان يفري الكلام، كان أعلم الكوفيين بالنحو بعد شيخه الكسائي، وكان من أهل الكلام يميل إلى الاعتزال؛ له تصانيف عدة في اللغة وعلوم القرآن، منها: معاني القرآن، المصادر في القرآن، المقصور والممدود، المذكر والمؤنث، توفي سنة: 207ه (السيوطي، بغية الوعاة، 411).
(4) - هو أبو علي محمد بن المستنير النحوي المعروف بقطرب، لقبه بذلك شيخه سيبويه، قال ابن السكيت فيه: تبيت أنه يكذب في اللغة؛ كان قطرب يرى رأي المعتزلة النظامية، له تصانيف كثيرة في اللغة وعلوم القرآن، منها: العلل في النحو ، الأضداد، النوادر، إعراب القرآن، مجاز القرآن، توفي سنة: 206ه (السيوطي، بغية الوعاة، 104).
صفحة ١٤٥