124

والصحيح ما قدمناه أولا، لأن المحدودات على و جهين، أحدهما من جنس المحدود فحده داخل فيه كالذي قدمنا من المرفق والذراع لأن المرفق من جنس الذراع، والثاني محدود من غير جنسه فحده لا يدخل فيه كالذي قدمناه في الآية من ذكر الليل لأنه ليس من جنس النهار، والله أعلم.

ويؤيد ما قلنا من أن المرفق داخل في الذراع ماروي عن أبي هريرة في صفة وضوء النبيء - عليه السلام - أنه توضأ فغسل يده اليمنى حتى شرع في العضد، ثم اليسرى كذلك، ثم غسل الرجل اليمنى حتى شرع في الساق، ثم اليسرى كذلك، ...

--------------------

قوله والصحيح ماقدمناه: أي: من كونها بمعنى (مع)، وذلك لأنها تفيد إدخال المرفقين في الغسل، لكن قوله: لأن المحدودات ... الخ لا يلاقي ما ذكره فإنه يقتضي أنها لانتهاء الغاية، إلا أن الغاية داخلة لكونها من جنس المغيى، وفرض المسألة أن التي بمعنى (مع) والتي لانتهاء الغاية متقابلتان؛ وقد يقال: معنى قوله: والصحيح ماقدمناه أي: من وجوب غسل اليدين والمرفقين، ولو كانت (إلى) لانتهاء الغاية، وسلك في ذلك طريق كون الغاية إذا كانت من جنس المغيى فهي داخلة ولو كانت مجرورة ب (إلى) (1)، ويدل له قوله بعد: ويؤيد ماقلنا من أن المرفق داخل في الذراع، ولم يقل: من أن (إلى) بمعنى (مع)، والله أعلم فليحرر؛ ثم الظاهر أنه إنما عدل أولا عن كونها لانتهاء الغاية إلى كونها بمعنى (مع) نظرا إلى ما ذهب إليه بعضهم من أن الغاية إذا كانت مجرورة ب إلى تكون خارجة، حتى جعل المجرورة في الآية غاية للمتروك، وأن المعنى: واتركوا إلى المرافق، فليراجع.

قوله توضأ: أي أراد الوضوء، فاستعمل الفعل في الإرادة.

__________

(1) - وهذا مذهب القطب أطفيش -رحمه الله- إذ صححه في "الذهب الخالص" (ص:106).

صفحة ١٢٤