وليس في كتاب الله، ولا سنة رسوله ﷺ، ولا عن أحد من السلف، لا من الصحابة ولا من التابعين، ولا عن أئمة الدين، حرف واحد يخالف ذلك. ولم يقل أحد منهم إن الله ليس في السماء، أو أنه ليس على العرش، أو أنه في كل مكان، وأنه لا داخل العالم ولا خارجه، ولا متصل به، ولا منفصل، وأنه لا تجوز الإشارة الحسيه إليه بالأصابع، ونحو هذا.
ومن ظن أن نصوص الصفات لا يعقل معناها، ولا يدرى ما أراد الله تعالى ورسوله منها، وظاهرها تشبيه وتمثيل، واعتقاد ظاهرها كفر وضلال، وإنما هي ألفاظ لا معاني لها وأن لها تأويلًا وتوجيهًا لا يعلمه إلا الله، وأنها بمنزلة الم وكهيعص وظن أن هذه طريقة السلف، ولم يكونوا يعرفون حقيقة قوله: ﴿وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ [الزمر: ٦٧] وقوله: ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥] وقوله: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥] ونحو ذلك. فهذا الظان. من أجهل الناس بعقيدة السلف وأضلهم عن الهدى، وقد تضمن هذا الظن استجهال السابقين الأولين، من المهاجرين والأنصار، وسائر الصحابة، وكبار الذين كانوا أعلم الأمة علمًا وأفقههم فهمًا، وأحسنهم عملًا، وأتبعهم سننًا. ولازم هذا الظن أن الرسول ﷺ كان يتكلم بذلك ولا يعلم معناه، وهو خطأ عظيم وجسارة قبيحة نعوذ بالله منها.
1 / 59