" عليك بدين الأعراب والصبيان في الكتاب " (١) يعني: عليك بما فطرهم الله عليه فإن الله فطرهم على الحق.
والرسل بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها، لا بتحويل الفطرة وتغييرها، وأما أعداء الرسل كالجهمية الفرعونية ونحوهم، فيريدون أن يغيروا فطرة الله ودين الله، ويوردون على الناس شبهات بكلمات متشابهة، لا يفهم كثير من الناس مقصودهم بها، ولا يحسن أن يجيئهم [بما ينقضها] وأصل ضلالتهم تكلمهم بكلمات مجملة لا أصل لها في كتاب الله ولا سنة رسوله، ولا قالها أحد من أئمة المسلمين، كلفظ التحيز والجسم والجهة ونحو ذلك. فمن كان عارفًا بحال شبهاتهم بينها، ومن لم يكن عارفًا بذلك، فليعرض عن كلامهم، ولا يقبل إلا ما جاء به الكتاب والسنة كما قال تعالى: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ﴾ [الأنعام: ٦٨] ومن تكلم في الله وأسمائه وصفاته بما يخالف الكتاب والسنة، فهو من الخائضين في آيات الله بالباطل، وكثير من هؤلاء ينسب إلى أئمة المسلمين ما لم يقولوه، فينسبون إلى الشافعي وأحمد بن حنبل ومالك وأبي حنيفة الاعتقادات الباطلة مما لم يقولوه، ويقولون لِمن اتبعهم هذا الذي يقوله اعتقاد الإمام الفلاني، فإذا طولبوا بالنقل الصحيح عن الأئمة، تبين كذبهم في ذلك فيما ينقلونه عن النبي ﷺ، ويضيفونه إلى سنته من البدع والأقوال الباطلة، ومنهم من إذا طولب بتحقيق نقله يقول: هذا القول قاله العلماء، والإمام الفلاني لا يخالف العقلاء، ويكون العقلاء طائفة من أهل
_________
(١) ذكره في " شرح السنة " (١ / ٢١٧) فقال: سأل رجل عمر بن عبد العزيز عن شيء من الأهواء فقال: " الزم دين الصبي في الكتاب والأعراب " وجاء نحو هذا عن عمر بن الخطاب. انظر التعليق رقم (٣٤٤) لشرحها. (وعمر بن عبد العزيز أمير المؤمنين عُدَّ كالخلفاء الراشدين مات سنة ١٠١ هـ (التقريب) .
1 / 50