فمن اعتقد أن الله في جوف السماوات محصور محاط، أو أنه مفتقر إلى العرش، أو غير العرش، من المخلوقات أو أن استواءه على عرشه كاستواء المخلوق على كرسيه، فهو ضال مبتدع جاهل، ومن اعتقد أنه ليس في السماوات إله يعبد ولا على العرش إله يصلى له ويسجد وأن محمدًا لم يعرج به إلى ربه، ولا نزل القرآن من عنده، فهو معطل فرعوني، فإن فرعون كذب موسى في أن ربه فوق السماوات فقال: ﴿يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ - أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا﴾ [غافر: ٣٦ - ٣٧] ومحمد ﷺ صدق موسى، فأقر أن ربه فوق السماوات، فلما كان ليلة المعراج، عرج به إلى الله، وفرض عليه ربه خمسين صلاة، وذكر أنه رجع إلى موسى، وأن موسى قال: «ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك» . وهذا الحديث في الصحاح (١) فمن وافق فرعون وخالف موسى ومحمدًا فهو ضال، ومن مثل الله بخلقه فهو ضال، ومن جحد شيئًا مما وصف الله به نفسه فهو كافر.
وليس ما وصف الله به نفسه، وما وصفه به رسوله تشبيها، وقد قال تعالى: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠] وقال تعالى: ﴿يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ﴾ [آل عمران: ٥٥] وقال: ﴿بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ﴾ [النساء: ١٥٨] وقال: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ﴾ [الأنعام: ١١٤] وقال: ﴿تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ﴾ [الزمر: ١] وقال تعالى: ﴿وَلَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ﴾ [الأنبياء: ١٩]
_________
(١) انظر صحيح البخاري (١ / ٤٥٩ فتح الباري) ومسلم (١٦٢) . وسيأتي تواتره في التعليق [٢٥٠] .
1 / 43