262

قانون التأويل

محقق

محمد السليماني

الناشر

دار القبلة للثقافة الإسلامية ومؤسسة علوم القرآن

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦ هجري

مكان النشر

جدة وبيروت

ومع ذلك لا نفعله، ونعلم الشر ولا نتجنبه، فالمعرفة إذًا غير كافية في حمل الإنسان على العمل وفق ما علم. وقد هاجم أرسطو (١) نظرية سقراط فقال: لقد تناسى سقراط أن نفس الإنسان ليست مركبة من العقل وحده، وتخيل أن كل أعمال الإنسان خاضعة لحكم العقل، وعلى ذلك إذا علم العقل صدر العمل، ولكن سقراط غاب عنه أن معظم الأفعال محكومة بالعواطف والشهوات، ولذلك فقد يقع الإنسان في الخطأ رغم علم العقل، وقد قرر أفلاطون أيضًا عدم كفاية النظرية السقراطية (٢). وكان أفلاطون يرى أن أصول الفضائل أربعة: الحكمة والشجاعة والعفة والعدالة، وقد جرى ابن مسكويه (ت: ٤٢١ هـ) والإمام الغزالي (٣) على رأي أفلاطون في أصول الفضائل الأربع المشار إليها. يقول ابن مسكويه: "أجمع الحكماء على أن أجناس الفضائل أربع وهي: الحكمة والعفة والشجاعة والعدالة، ولهذا لا يفتخر أحد ولا يتباهى إلاَّ بهذه الفضائل فقط" (٤). الحكمة: يرى أفلاطون أن الحكمة هي الفضيلة العليا التي تنشأ من سيطرة القوة

(١) أما مذهب أرسطو في الفضيلة فقد ذهب إلى أن مقياس السلوك هو الالتزام الوسط العدل، فالفضيلة وسط بين الإفراط والتفريط اللذين هما رذيلتان فمثلًا الشجاعة وسط بين طرفين كلاهما رذيلة وهما التهور والجبن، وتسمى هذه النظرية بنظرية الأوساط، وقد شاعت نظرية الأوساط هذه في مدارس الفكر الإِسلامي، واتخذت طابعًا إسلاميًا بالتدليل عليها من القرآن الكريم، وتبنى كثير من الفلاسفة المسلمين هذه النظرية وبنوا عليها أمهات الفضائل الأربع. (٢) انظر أحمد أمين: الأخلاق ١٧٨ - ١٨١. (٣) انظر ميزان العمل: معارج القدس ٨٥. (٤) تهذيب الأخلاق: ١٧.

1 / 275