القاموس المحيط
محقق
مكتب تحقيق التراث في مؤسسة الرسالة
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثامنة
سنة النشر
١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
وَالْآدَابِ، وَضَمَمْتُ إِلَيْهِمَا زِيَادَاتٍ امْتَلَأَ بِهَا الْوِطَابُ [الوِعاء]، وَاعْتَلَى مِنْهَا الْخِطَابُ، فَفَاقَ كُلَّ مُؤَلَّفٍ فِي هَذَا
الْفَنِّ هَذَا الْكِتَابُ. غَيْرَ أَنِّي خَمَّنْتُهُ فِي سِتِّينَ سِفْرًا، يُعْجِزُ تَحْصِيلُهُ الطُّلَّابَ، وَسُئِلْتُ تَقْدِيمَ كِتَابٍ وَجِيزٍ عَلَى ذَلِكَ النِّظَامِ، وَعَمَلٍ مُفْرَغٍ فِي قَالَبِ الْإِيجَازِ وَالْإِحْكَامِ، مَعَ الْتِزَامِ إِتْمَامِ الْمَعَانِي، وَإِبْرَامِ الْمَبَانِي، فَصَرَفْتُ صَوْبَ هَذَا الْقَصْدِ عِنَانِي، وَأَلَّفْتُ هَذَا الْكِتَابَ مَحْذُوفَ الشَّوَاهِدِ، مَطْرُوحَ الزَّوَائِدِ، مُعْرِبًا عَنِ الْفُصَحِ وَالشَّوَارِدِ، وَجَعَلْتُ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى زُفَرًا [بحرًا] فِي زِفْرٍ [قِربة]، وَلَخَّصْتُ كُلَّ ثَلَاثِينَ سِفْرًا فِي سِفْرٍ، وَضَمَّنْتُهُ خُلَاصَةَ مَا فِي " الْعُبَابِ "، وَ" الْمُحْكَمِ "، وَأَضَفْتُ إِلَيْهِ زِيَادَاتٍ مَنَّ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا وَأَنْعَمَ، وَرَزَقَنِيهَا عِنْدَ غَوْصِي عَلَيْهَا مِنْ بُطُونِ الْكُتُبِ الْفَاخِرَةِ، الدَّأْمَاءِ الْغَطَمْطَمِ [الواسعة العظيمة]، وَسَمَّيْتُهُ " الْقَامُوسَ الْمُحِيطَ " ; لِأَنَّهُ الْبَحْرُ الْأَعْظَمُ.
وَلَمَّا رَأَيْتُ إِقْبَالَ النَّاسِ عَلَى " صِحَاحِ " الْجَوْهَرِيِّ، وَهُوَ جَدِيرٌ بِذَلِكَ، غَيْرَ أَنَّهُ فَاتَهُ نِصْفُ اللُّغَةِ أَوْ أَكْثَرُ، إِمَّا بِإِهْمَالِ الْمَادَّةِ، أَوْ بِتَرْكِ الْمَعَانِي الْغَرِيبَةِ النَّادَّةِ، أَرَدْتُ أَنْ يَظْهَرَ لِلنَّاظِرِ بَادِئَ بَدْءٍ، فَضْلُ كِتَابِي هَذَا عَلَيْهِ، فَكَتَبْتُ بِالْحُمْرَةِ الْمَادَّةَ الْمُهْمَلَةَ لَدَيْهِ، وَفِي سَائِرِ التَّرَاكِيبِ تَتَّضِحُ الْمَزِيَّةُ بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهِ، وَلَمْ أَذْكُرْ ذَلِكَ إِشَاعَةً لِلْمَفَاخِرِ، بِلْ إِذَاعَةً لِقَوْلِ الشَّاعِرِ: "
كَمْ تَرَكَ الْأَوَّلُ لِلْآخِرِ
".
وَأَنْتَ أَيُّهَا الْيَلْمَعُ [الذكيّ] الْعَرُوفُ، وَالْمَعْمَعُ الْيَهْفُوفُ [المجرِّب الصبور]، إِذَا تَأَمَّلْتَ صَنِيعِي هَذَا، وَجَدْتَهُ مُشْتَمِلًا عَلَى فَرَائِدَ أَثِيرَةٍ، وَفَوَائِدَ كَثِيرَةٍ: مِنْ حُسْنِ الِاخْتِصَارِ، وَتَقْرِيبِ الْعِبَارَةِ، وَتَهْذِيبِ الْكَلَامِ، وَإِيرَادِ الْمَعَانِي الْكَثِيرَةِ فِي الْأَلْفَاظِ الْيَسِيرَةِ.
وَمِنْ أَحْسَنِ مَا اخْتَصَّ بِهِ هَذَا الْكِتَابُ: تَخْلِيصُ الْوَاوِ مِنَ الْيَاءِ ; وَذَلِكَ قِسْمٌ يَسِمُ الْمُصَنِّفِينَ بِالْعِيِّ وَالْإِعْيَاءِ. وَمِنْهَا: أَنِّي لَا أَذْكُرُ مَا جَاءَ مِنْ جَمْعِ فَاعِلِ الْمُعْتَلِّ الْعَيْنِ عَلَى فَعَلَةٍ، إِلَّا أَنْ يَصِحَّ مَوْضِعُ الْعَيْنِ مِنْهُ، كَجَوَلَةٍ وَخَوَلَةٍ، وَأَمَّا مَا جَاءَ مِنْهُ مُعْتَلًّا ; كَبَاعَةٍ وَسَادَةٍ، فَلَا أَذْكُرُهُ لِاطِّرَادِهِ.
1 / 27