٩٤- قال مالك: "بلغني أن أهل القسطنطينية إذا أجذبوا كشفوا عن قبره فيسقون"١.
إنكار أبي أيوب على من جعل المنغمس في العدو ملقيا بيده إلى التهلكة
٩٥- وقد أنكر أبو أيوب على من جعل المنغمس في العدو ملقيا بيده إلى التهلكة دون المجاهدين في سبيل الله ضد ما يتوهمه هؤلاء الذين يحرفون كلام الله عن مواضعه، فإنهم يتأولون الآية على ما فيه ترك الجهاد في سبيل الله.
توضيح معنى الآية بما قبلها من الآيات
٩٦- والآية إنما هي أمر بالجهاد في سبيل الله، ونهي عما يصد عنه، والأمر في هذه الآية ظاهر كما قال عمر وأبو أيوب وغيرهما من سلف الأمة؛ وذلك أن الله قال قبل هذه الآية: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ﴾ (البقرة: ١٩٠-١٩١) .
_________
١ وهذا البلاغ الذي يشعر بالتضعيف عن الإمام مالك ﵀ أورده المصنف أيضا ﵀ في الجواب الصحيح (٦/١١٨) وصدره بقوله: "وذكروا" فعلق محقق الكتاب عليه: بأن الأولى بالمصنف أن يحذفه أو لعله سبق قلم!! وأقول: الأولى والمناسب نقل كلام المصنف من كتبه الأخرى! وما أحسن ما قاله ﵀ معلقا على هذا الكلام في اقتضاء الصراط (١/٣٣٩): "ويذكرون أن قبر أبي أيوب الأنصاري عند أهل القسطنطينية كذلك ولا قدوة بهم فقد كان من قبور أصحاب رسول الله ﷺ بالأمصار عدد كثير وعندهم التابعون ومن بعدهم من الأئمة وما استغاثوا عند قبر صحابي قط ولا استسقوا عنده ولا به ولا استنصروا عنده ولا به ومن المعلوم أن مثل هذا مما تتوفر الهمم والدواعي على نقله بل على نقل ما هو دونه" اهـ.
1 / 61