قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق

ابن تيمية ت. 728 هجري
32

قاعدة عظيمة في الفرق بين عبادات أهل الإسلام والإيمان وعبادات أهل الشرك والنفاق

محقق

سليمان بن صالح الغصن

الناشر

دار العاصمة

رقم الإصدار

الثانية ١٤١٨هـ / ١٩٩٧م

مكان النشر

الرياض

تصانيف

تلك، وكانت للعرب أصنام أخر؛ فاللات لأهل الطائف، والعزى لأهل مكة، ومناة لأهل المدينة. وقد ذكر مثل هذا غير واحد من السلف. وهذا /١٣أ/ الذي ذكروه أنه كان ابتداء عبادة الأوثان هو مبدأ الشرك من مبتدعة أهل الملل كالنصارى، فإنهم صوروا تماثيل الصالحين والأنبياء، وقالوا: هذا فعلناه تذكارًا لنتذكر بصورهم أحوالهم، فتكون أنشط وأشوق لنا إلى التشبه بهم. ثم صاروا يدعونهم ويطلبون منهم الشفاعة، ويقولون: نحن نطلب من هذه التماثيل أن يشفعوا لنا والمقصود: طلبنا من أصحابها أن يشفعوا لنا. ولما كان هذا مبدأ الشرك في النصارى، وفي القبور؛ سد النبي ﷺ ذريعة الشرك، ففي صحيح مسلم عن أبي هيّاج (١) الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: «أَلَا أَبْعَثُكَ عَلَى مَا بَعَثَنِي عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ؟ أَمَرَنِي أَنْ لَا أَدَعَ قَبْرًا مُشْرِفًا إِلَّا سَوَّيْتُهُ، وَلَا تِمْثَالًا إِلَّا طَمَسْتُهُ» . فلم يكن على عهد الصحابة، والتابعين، بل وتابعي التابعين، كمالك وأبي حنيفة وغيرهما في ديار الإسلام، قبر يُتخذ مسجدًا، ولا يصلى إليه، ولا كان في عهدهم في بلاد الإسلام قبر ولا مشهد يسافر إليه، وإنما حدثت المشاهد على القبور بعد القرون الثلاثة، فلم يكن يصلى عندها لله، ولا يقصد الدعاء عندها، فضلًا عن أن يكون يقصد أن يدعى صاحبها أو

(١) تغيرت في المطبوع إلى: (الهياج) .

1 / 45