الأحاديث الواردة في البيوع المنهي عنها
الناشر
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣/٢٠٠٢م
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
دلالة الأحاديث السابقة:
يستفاد من هذا الحديث عن أبي جحيفة ﵁ النهي عن بيع الدم. وقد اختلف في المراد به كما قال الحافظ ابن حجر: "فقيل: أُجرة الحجامة، وقيل: هو على ظاهره، والمراد تحريم بيع الدم كما حرم بيع الميتة والخنزير، وهو حرامٌ إجماعًا، أعني بيع الدم وأخذ ثمنه"١. وممن نقل الإجماع أيضًا على النهي عن ثمن الدم ابن المنذر٢، وابن عبد البر٣.
وقد كان أهل الجاهلية يجمدون الدم ثم يأكلونه فجاء الإسلام وحرم أكل الدم أولًا بقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ ...﴾ الآية٤، ثم نهى عن بيع الدم لنجاسته.
والدم الذي نهي عن بيعه في حديث أبي جحيفة ﵁ وإن كان قد اختلف في المراد به كما سبق، إلا أن الدم الذي يخرج من جسم الحيوان محرّمٌ أيضًا من وجهٍ آخر، وهو أن الشارع إذا حرَّم على قومٍ أكل شيءٍ حرّم عليهم ثمنه، كما سيأتي في الفصل التالي - إن شاء الله تعالى -. وأيضًا فإن ركن البيع في بيع الدم منعدم، وهو مبادلة المال بالمال، فإن الدم لا يعد مالًا عند أحد٥.
وأما إذا احتاج مريض إلى دم فإنه وإن جاز نقل الدم له٦، فإنه لا يجوز بيعه عليه لعموم النهي عن بيع الدم، ولما فيه من مخالفةٍ لمكارم الأخلاق.
١ فتح الباري (٤/٤٩٩) . ٢ الإجماع (ص١١٤) . ٣ التمهيد (٤/١٤٤) . ٤ سورة البقرة، آية (١٧٣) . ٥ شرح فتح القدير (٦/٤٠٣) . ٦ انظر في هذه المسألة: أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية (ص٤١٣-٤١٧)، وأحكام الجراحة الطبية والآثار المترتبة عليها (ص٥٨٠-٥٨٤) .
1 / 103