221

البلاغة العمرية

الناشر

مبرة الآل والأصحاب

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

٢٠١٤ م

تصانيف

وقال لمحمد ﷺ: ﴿وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ﴾ (١) فَلَوْ كُنْتُمْ إِذْ كُنْتُمْ مُسْتَضْعَفِينَ مَحْرُومِينَ خَيْرَ الدُّنْيَا عَلَى شُعْبَةٍ مِنَ الْحَقِّ، تُؤْمِنُونَ بِهَا، وَتَسْتَرِيحُونَ إِلَيْهَا، مَعَ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ وَدِينِهِ، وَتَرْجُونَ بِهَا الْخَيْرَ فِيمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، لَكَانَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ أَشَدَّ النَّاسِ مَعِيشَةً، وَأَثْبَتَهُمْ بِاللهِ جَهَالَةً فَلَوْ كَانَ هَذَا الَّذِي اسْتَشْلاكُمْ (٢) بِهِ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ حَظٌّ فِي دُنْيَاكُمْ، غَيْرَ أَنَّهُ ثِقَةٌ لَكُمْ فِي آخِرَتِكُمُ الَّتِي إِلَيْهَا الْمَعَادُ وَالْمُنْقَلَبُ، وَأَنْتُمْ مِنْ جَهْدِ الْمَعِيشَةِ عَلَى مَا كُنْتُمْ عَلَيْهِ أَحْرِيَاءُ أَنْ تَشُحُّوا عَلَى نَصِيبِكُمْ مِنْهُ، وَأَنْ تَظْهَرُوهُ عَلَى غَيْرِهِ، فَبَلْهَ (٣)
مَا إِنَّهُ قَدْ جُمِعَ لَكُمْ فَضِيلَةُ الدُّنْيَا وَكَرَامَةُ الآخِرَةِ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يُجْمَعَ لَهُ ذَلِكَ مِنْكُمْ، فَأُذَكِّرُكُمُ اللهَ الْحَائِلَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ إلَّا مَا عَرَفْتُمْ حَقَّ اللهِ فَعَلِمْتُمْ لَهُ، وَقَسَرْتُمْ أَنْفُسَكُمْ عَلَى طَاعَتِهِ، وَجَمَعْتُمْ مَعَ السُّرُورِ بِالنِّعَمِ خَوْفًا لَهَا وَلانْتِقَالِهَا، وَوَجَلا مِنْهَا وَمِنْ تَحْوِيلِهَا، فَإِنَّهُ لا شَيْءَ أَسْلَبُ لِلنِّعَمَةِ مِنْ كُفْرَانِهَا، وَإِنَّ الشُّكْرَ أَمْنٌ لِلْغَيْرِ، وَنَمَاءٌ لِلنِّعْمَةِ، وَاسْتِيجَابٌ لِلزِّيَادَةِ، هَذَا للهِ عَلَيَّ مِنْ أَمْرِكُمْ وَنَهْيِكُمْ وَاجِبٌ» (٤).

(١) سورة الأنفال آية ٢٦.
(٢) استَشْلى غيره: دعاه ليُنجيه ويخرجه من ضيق أو هلاك. (تاج العروس: ٣٨/ ٣٩٤).
(٣) (بَلْ) مضافًا إليها هاء، وما بمعنى إلا ..
(٤) رواه الطبري في تاريخه: ٤/ ٢١٦ - ٢١٨.

1 / 227