إليه [ق 8 أ] الأشبان في أن يجعل بينهم وبين البربر خليجا من البحر يمكن به احتراز كل طائفة عن الأخري، فحفر زقاقا طوله ثمانية عشر (1) ميلا في عرض أثني عشر ميلا، وبني بجانبيه السكرين وعقد بينهما قنطرة، يجاز عليها وجعل عندها حرسا يمنعون من البربر الجواز عليها إلا بإذن منه، وكان قاموس البحر أعلى من أرض هذا الزقاق فطما الماء حتى غيطي السكرين مع القنطرة، وساق بين يديه بلادا كثيرة، وطغي علي عدة بلاد، ويقال أن المسافرين في هذا الزمان بالبحر يخبرون أن المراكب في بعض الأوقات يتوقف سيرها مع وجود الريح، فيجد دون المانع لها لكونها قد سلكت بين شرافات السور وبين حايطين القنطرة، ثم عظم هذا الرفاق في الطول والعرض حتي صار بحرا عرضه ثمانية عشر ميلا.
ويذكرون أن البحر إذا جزر تري القنطرة فيه، وهذا الزقاق صعب السلوك شديد الهول متلاطم الأمواج، وهذا البحر من هذا الزقاق مشرقا في بلاد البربر وشمال الغرب الأقصي إلي أواسط بلاد المغرب علي أفريقية وبرفة وإسكندرية وشمال اليته وأرض فلسطين وسواحل بلاد الشام، ثم يعطف من هناك إلي العلايا وانطاكية (2) إلي ظهر بلاد القسطنطينية حتي ينتهي إلي البحر المحيط الذى خرج منه، وطول هذا البحر [ق 8 ب] خمسة آلاف ميل، وقيل ستة آلاف ميل وعرضه من سبعمائة ميل إلي ثلاثمائة ميل، وفيه مائة وسبعون جزيرة عامرة فيها أمم كثيرة منها صقالية وبيروقة واقربطش (3) وقباله البحر الهندى من جهة المغرب بحر خارج من المحيط في مغرب بلاد الزنج ينتهى إلي قريب من جبل القمر، وفيه مصب النيل المار علي بلاد الحبشة، وفي أسفله جزائر الخالدات التي هي منتهي الطول فيالمغرب، وبقابل البحر الشامي من ناحية المشرق وبحر جرجان، وقيل أنه متصل بالبحر امحيط من بين جبال شاقة وبحر الصقالب، يخرج من جهة المغرب بين الأقليم السادس والأقليم السابع وهو متسع فيه جزائر كثيرة، منها جزيرة الأندلس إلا أنها متصلة بالبر الكبير، وهو جبل كالذراع يتصل بهذا البر عند برسلونة، ولهم بحر يعرف بيأجوج ومأجوج وهو غزير وفيه عجائب كثيرة.
صفحة ١٧