خيرها إلي ما سواها من المدن والبلدان، وقيل إنه لو ضرب بينها وبين بلاد الدنيا بسور لاستغني أهلها بما فيها عن سائر البلاد. وبمصر دهن البلسان الذي عظمت منفعته، وصارت ملوك الأرض تطلبه من [ق 17 ب] مصر وتعتني به ملوك النصرانية تترامي علي طلبه، والنصاري كافة تعتقد تعظمه، وتري أنه لا يتم تنصير نصراني حتي توضع شيئا من دهن البلسان في ماء المعمودية عند تغطيسه فيها.
ومن فضائل مصر: السفنقور ومنافعه لا تنكر، وبها النمس والعرس ولهما في آكل الثعابين فضيلة لا تنكر، فقد قيل لو لا العرس والنمس لما سكنت مصر من كثرة الثعابين وبها السمك الرعادة ونفعها من الحمي إذا أغلقت علي المحموم بريء، وبها حطب السنط، ولا نظير له في معناه فلو وقد منه تحت قدر يوما كاملا لما بقى منه رماد.
وهو مع ذلك صلب في الكسر، سريع الأشتغال بطىء الخمود، ويقال أنه أبنوس غيرته بقعة مصر فصار أحمر. وبها الأفيون وذلك عصارة الخشخاش ولا يجهل منافعه إلا جاهل وبها البنج وهو ثمر قدر اللوز الأخضر، وكان محاسن مصر إلا أنه انقطع قبل سنة سبعمائة. وبها الأترج.
وكان بمصر القثاءة في طوله ثلاثة عشر شبرا [ق 18 أ] والأترتجة تشق نصفين وتحمل علي بعير مثل العدلين لعظم خلقتها.
قال المسعودى [في] التاريخ: والأترج المدور حمل من أرض الهند إلي البصرة والعراق والشام، حتي في دور الناس ثم نقل إلي مصر، ولما كان يعهد قبل ذلك في مصر ولا أعمالها.
ومن فضائلها: أن بها معدن الزمرد وليس في الدنيا معدن زمرد إلا بمصر، وقيل أنه في البهنسا وبها معدن الشب والملح ومقاطع الرخام، ويقال كان بمصر من المعادن ثلاثون معدن، وأهل مصر يأكلون صيد بحر الروم وصيد بحر اليمن طريا، لآن بين البحرين مسافة ما بين مدينة القلزم والفرما.
ومن محاسن مصر: أنه يوجد بها فى كل شهر من شهور السنة القبطية صنف من المأكول والمشموم دون ما عداه من بقية الشهور، فيقال رطب يوت ورمان بابة وموز هاتور وسمك كيهك وماء طوبة وخروف أمشير ولبن برمهات وورد برمودة ونبق بشنس وتين بؤونة وعسل أبيب وعنب مسرى ..
صفحة ٢٩