في الدليل على أن خالق الأشئاء واحد الدليل على أن خالق الأشئاء واحد: أنه لو كان اثنين لكان لا يخلو أحدهما من أن يكون قادرا، على منع الآخر، مما يريد أن يعمله، أو غير قادر على منعه، فإن كان قادرا على منع الآخر، فالآخر المقدور عليه عاجز. والعاجز ليس بإله قدير؛ لأن القدير الذي لا يعجزه شئ، إن أراد فعله، وإن يكن هذا لا يقدر على منع اآخر عن شئ، أراد أن يعمله، فهو عاجز. والعاجز ليس بأله قدير، له الربوبية والمقدم والألوهية والديم. فلما فسد هذا، دل أن محدث الأشئاء واحد، ليس كمثله شئ، وهو الله الواحد القهار. ليس كمثله شئ من مخلوقاته. وهو السميع البصير.
وفي كتاب الله تعالى: { وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم } .
وبالله التوفيق
الباب الخامس عشر
في الدليل على أن الخالق لا يشبه المخلوق
قال المؤلف: الدليل على أن الخالق لا يشبه المخلوق: أن البارئ عز وجل لو أشبه الأشئاء التي خلقها، وأخرجها من العدم إلى الوجود، لكان حكمه حكما في الحدث. فلا يخلو من أن يكون يشبه الأشئاء، من كل الجهات، أو من بعض الجهات، فلو أشبه من كل الجهات، لكان محدثا مثلها، ولو أشبهها من بعض الجهات، لكان محدثا من حيث أشبهها. فلما أستحال أن يكون المحدث قديما، دل على أن الخالق لا يشبه المخلوق، وقد قال الله تعالى: (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير). وقال عز وجل: { فلا تضربوا لله الأمثال } تعالى الله عز وجل، الذي لا شبه له، ولا مثل له، ولا ند له، ولا كفو له. تعالى الله علوا كبيرا.
الباب السادس عشر
في الموات التي ذكرتها الديصانية أنها عند الله
إن قالت الديصانية: ما أنكرتم أن يكون الإله سبحانه هو الواحد الأزلي القديم، ولكن كان معه موات قديم، فمن ذلك الموات: أبدى الأشئاء على ما هي عليه، وأظهرها من العدم إلى الوجود.
صفحة ٩